للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القطع ما دام الثابت أن التكذيب قصد به مساعدة الجاني, ولا يتفق مع الحقيقة, والأمر كذلك عند الشافعى وأحمد إذا كان التكذيب بعد المخاصمة والادعاء بالسرقة, أما إذا كان التكذيب مبتدأ فلا يجب القطع؛ لأنه لا يجب إلا المخاصمة, والتكذيب المبتدأ يمنع من المخاصمة.

ومذهب الظاهريين يتفق مع مذهب مالك فى هذه النقطة. أما مذهب الشيعة الزيدية فهو كمذهب أبى حنيفة؛ لأنهم لا يسقطون القطع بعفو المجنى عليه, فسواء كان التكذيب صحيحاُ أو مقصودًا به مساعدة الجانى فهو مسقط للحد عندهم (١) .

٢- العفو عن السارق: على أن يكون من جميع المجنى عليهم, فإن كان من بعضهم دون البعض فلا يسقط القطع. وهذا رأى الشيعة الزيدية ولا تأخذ به المذاهب الأخرى المقارنة (٢) .

٣ - رجوع السارق عن إقراره صراحة أو ضمنًا إذا لم يكن دليل إلا الإقرار: فإذا كان دليل آخر فهو على ما بينا عند الكلام على الإقرار. وهذا متفق عليه إلا من الظاهريين وبعض الشافعية, فإنهم لا يرون الرجوع عن الإقرار مسقطًا للقطع.

وإذا اشترك فى السرقة شخصان فأقرا بالسرقة وعدل أحدهما عن إقراره دون الآخر سقط القطع عمن عدل دون غيره؛ عند مالك والشافعى وأحمد, وعند أبى حنيفة يدرأ القطع عن الآخر؛ لأن السرقة واحدة وشركتهما ثابتة ورجوع أحدهما يورث شبهة فى حق الشريك الآخر, وإذا اعترف أحدهما بالسرقة وأنكر الآخر ولم يكن عليه دليل فالقطع على المقر وحده عند الجميع. إلا أن أبا يوسف من فقهاء المذهب الحنفى يرى ألا يقطع المقر, لأنه أقر بسرقة واحدة بينهما على الشركة, فإذا لم تثبت فى حق شريكه بإنكاره


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٨٨, شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٤, شرح الزرقانى ج٨ ص٩٧, المدونة ج١٦ ص٩٥.
(٢) شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>