للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مع ملاحظة أن بعض هذه الأسباب خاص بأخذ المال ولا أثر له فى حالة القتل أو إخافة السبيل] .

٢- التوبة: من المتفق عليه أن توبة المحارب قبل القدرة عليه تسقط ما وجب عليه من حد بحرابته, والأصل فى ذلك قوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة:٣٤] , فإذا تاب المحارب سقط عنه ما وجب عليه من القتل والصلب والقطع والنفى ولكن التوبة لا يسقط ما يتعلق بحقوق العباد فيبقى مسئولاً؛ فإن كان أخذ المال فقط فعليه رده, وإن كان قتل أحدا أو جرحه فعليه القصاص أو إجراءات شكلية وإنما يدل عليها رد المال لصاحبه أن كان هناك مال عند القدرة على رده, ويكفى فى التوبة الندم والعزم على ترك مثل ما حدث.

ويشترط فى التوبة أن تكون قبل القدرة على المحارب فإن تاب بعد القدرة عليه لم يسقط عنه شيء لا من الحقوق المتعلقة بالله ولا من الحقوق المتعلقة بالأفراد, لقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ} , فأوجب الحد على كل محارب ثم استثنى من ذلك التائبين قبل القدرة, ومن عداهم يبقى على حكم العموم, وعلة قبول التوبة قبل القدرة أن التوبة قبل القدرة تكون غالبًا توبة إخلاص أما بعد القدرة فهى غالبًا توبة تقيه من إقامة الحد, عليه ولأن فى قبول التوبة قبل القدرة ترغيبًا للمحارب فى التوبة والرجوع عن المحاربة والإفساد فناسب ذلك إسقاط الحد عنه, أما بعد القدرة فلا حاجة لترغيبه لأنه قد عجز عن الفساد والمحاربة (١) .

والمراد بما قبل القدرة أن تمتد إلى المحارب يد الإمام, فإن تاب بعد أن امتدت إليه يد الإمام لم تعتبر التوبة قبل القدرة ولو كان هاربًا أو مستخفيًا أو ممتنعًا (٢) .


(١) المغنى ج١٠ ص٣١٠, أسنى المطالب ج٤ ص١٥٥, ١٥٦, بدائع الصنائع ج٧ ص٩٦, شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٨.
(٢) أسنى المطالب وحاشية الرملى ج٤ ص١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>