للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون التأويل صحيحًا أو فاسدًا لا يقطع بفساده, ويعتبر التأويل فاسدًا إذا أولوا الدليل على خلاف ظاهره ولو كانت الأدلة على التأويل ضعيفة كادعاء أهل الشام فى عهد على بأنه يعرف قتلة عثمان ويقدر عليهم ولا يقتص منهم لمواطأته إياهم, مع أن الادعاء صادر ممن لا يعتد بقولهم وشهادتهم.

وكتأويل بعض مانعى الزكاة فى عهد أبى بكر بأنهم لا يدفعون الزكاة إلا لمن كانت صلاته سكنًا لهم, طبقًا لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} [التوبة:١٠٣] .

وكادعاء الخوارج الذين خرجوا من عسكر على بعد صفين أنه كفر ومن معه من الصحابة حيث حكم الرجال فى أمر الحرب الواقعة بينهم وبين معاوية وقالوا إنه حكَّم الرجال فى دين الله والله تعالى يقول: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} [يوسف:٤٠] , وتلك كبيرة ومرتكب الكبيرة فى رأيهم كافر, فإذا كان التأويل مقطوعًا بفساده فلا يعتبر أن هناك تأويلاً ما (١) .

والمنعة والشوكة هى الكثرة والقوة, كثرة عدد الخارجين أو قوتهم بحيث يمكن معها مقاومة تدعوه إلى احتمال كلفة من بذل مال وإعداد رحال ونصب قتال ونحو ذلك ليردهم إلى الطاعة. ويعتبرون فى مذهب أحمد النفر اليسير كالواحد والاثنين والعشرة ونحوهم ممن لا منعة لهم ولو كانوا مسلحين يحسنون القتال (٢) .

ويشترط الشافعيون لوجود المنعة والشوكة أن يكون فى الخارجين مطاع ولو لم يكن إمامًا عليهم يسمعون له ويطيعون؛ لأنه الشوكة لمن لا مطاع لهم, فمهما بلغ عدد الخارجين ومهما كانت قوتهم فلا شوكة ما لم يكن فيها مطاع (٣) .


(١) حاشية ابن عابدين ج٤ ص٤٢٧, نهاية المحتاج ج٧ ص٣٨٢, ٣٨٣, كشاف القناع ج٤ ص٩٦.
(٢) حاشية ابن عابدين ج٣ ص٤٢٨, نهاية المحتاج ج٧ ص٣٨٢, كشاف القناع ج٤ ص٩٦, المغنى ج١٠ ص٤٩, أسنى المطالب ج٤ ص١١١.
(٣) نهاية المحتاج ج٧ ص٣٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>