للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القسم الثالث: التعزير على المخالفات]

١١٠ - التعزير على المخالفات: الأصل في التعزير أنه على فعل المحرمات وترك الواجبات، وهذا متفق عليه، ولكن الفقهاء اختلفوا على جواز التعزير في إتيان المكروه وترك المندوب، ففريق يرى أن لا عقاب على فعل مكروه أو ترك مندوب (١) ، وفريق يرى العقاب على فعل المكروه وترك المندوب (٢) .

وأساس اختلافهم في هذا الحكم هو اختلافهم في تعريف المكروه والمندوب، فمن رأى أن المكروه نهى بتخيير في الفعل، وأن المندوب أمر بتخيير في الفعل، أو أن المكروه ليس نهياً، والمندوب ليس أمراً، من رأى هذا قال بعدم جواز العقاب؛ لأن العقاب لا يكون إلا بتكليف. ومن رأى أن المندوب أمر لا تخيير فيه، وأن المكروه نهي لا تخيير فيه، قال بجواز العقاب على فعل المنهي عنه وترك المندوب إليه، والقائلين بهذا الرأي مع تجويزهم العقاب لا يسمون الفعل أو الترك معصية، ولا يسمون الجاني عاصياً، وإنما يسمون الفعل والترك مخالفة، والجاني مخالفاً، ويعللون ذلك بأن العصيان اسم ذم، وأن الذم أسقط عن فاعل المكروه وتارك المندوب (٣) .

ويحتج بعض القائلين بالعقاب بفعل عمر رضي الله عنه، حيث مر على شخص


(١) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ج١ ص٤٣، الإقناع ج٤ ص٢٧٠، ٢٧١، مواهب الجليل ج٦ ص٣٢٠. بدائع الصنائع ج٧ ص٦٣، فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت ج١ ص١١١، ١١٢.
(٢) المستصفي للغزالي ج١ ص٧٥، ٧٦، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج١ ص١٧٠ وما بعدها، تحفة المحتاج ج٨ ص١٨، مواهب الجليل ج٦ ص٣٢٠، تبصرة الحكام ج٢ ص٢٥٩، ٢٦٠، الأحكام السلطانية ص٧١٢.
(٣) المستصفي للغزالي ج١ ص٧٦، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج١ ص١٧٣، ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>