للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعل الذى حدث من الجانى لا يقتل غالبًا، وفى مذهب الشافعى (١) رأيان يفرقان بين المجنى عليه المميز، وغير المميز فإذا كان المجنى عليه غير مميز فالطالب يعتبر مسئولاً عن القتل شبه العمد، وإذا كان مميزًا فهناك رأيان: رأى أنه لا مسئولية على الطالب لأن المجنى عليه هو الذى أهلك نفسه بفعله، ورأى يرى مسئولية الطالب عن القتل شبه العمد، لأن المجنى عليه لم يقصد إهلاك نفسه وإنما ألجأه الطالب إلى الهرب المفضى للهلاك، وقد اعتبر القتل شبه عمد لأن وسيلة القتل ليست مما يقتل غالبًا.

فالشافعى وأحمد فى هذا يحافظان على قاعدتهما، أما ملك فاعتبره عمدًا لأنه - كما مر - لا يعرف القتل شبه العمد، والفعل عنده إما عمد أو خطأ. ويمكن تفسير مسئولية الطالب مع أن الفعل المباشر من المجنى عليه بأن المباشرة لم تكن عدوانًا فيتغلب الفعل المتسبب.

أما أبو حنيفة فلا يرى مسئولية الطالب؛ لأن المجنى عليه قُتل بفعل نفسه.

ويتفق القانون المصرى والفرنسى مع ما يراه أبو حنيفة ويتفق القانون الألمانى والقانون الإنجليزى مع ما يراه باقى الأمة.

٥٩- القتل بفعل غير مادى: ويتفق الفقهاء لأربعة على جواز حصول القتل بوسيلة معنوية لا مادية كمن شهر سيفًا فى وجه إنسان فمات رعبًا، ومن تغفل إنسانًا وصاح به قاصدًا قتله فمات مذعورًا أو سقط لفزعه من مرتفع ومات من سقطته ومن ألقى على إنسان حية فمات رعبًا، ومن دلّى إنسانًا من شاهق فمات من روعته قبل أن يضربه بسيف أو يُترك ليسقط على الأرض.

وعند مالك (٢) أن القتل فى هذه الأحوال عمد ما دام الجانى قد تعمد الفعل


(١) نهاية المحتاج ج٧ ص٣٣٢ , ٣٣٣.
(٢) الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>