للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى} [البقرة: ١٧٨] ، ولكنهم اختلفوا فى تفسير هذه الآية فمنهم من رأى أنها تعرضت لحكم النوع إذا قتل نوعه؛ ولكنها لم تتعرض لأحد النوعين إذا قتل النوع الآخر، ومن ثم فقد اختلفوا فى ذلك إلى رأيين.

الرأى الأول، وهو رواية عن على بن أبى طالب: يرى أصحاب هذا الرأى بأن الرجل يقتل بالمرأة ويُعطى أولياؤه نصف الدية. وحجة هذا الفريق أن النص لم يتعرض إلا لحكم النوع إذا قتل نوعه، وأن دية المرأة نصف دية الرجل، فإذا قتل بها بقى له بقية فيستوفى ممن قتله (١) ، وإن أرادوا استحيوه وأخذوا منه دية المرأة.

وإذا قتلت امرأة رجلاً فإن أراد أولياؤه قتلها قتلوها وأخذوا نصف الدية وإلا أخذوا دية صاحبهم واستحيوها.

ويقول القرطبى: إن أبا عمر علق على هذا الرأى بقوله: إذا كانت المرأة لا تكافئ الرجل ولا تدخل تحت قول النبى: "المسلمون تتكافأ دماؤهم" فلم قتل الرجل بها وهى لا تكافئه؟ وكيف تؤخذ نصف الدية مع القتل وقد أجمع العلماء على أن الدية لا تجتمع مع القصاص، وأن قبول الدية يحرم دم القاتل ويمنع القصاص؟ (٢) .

وأصحاب الرأى الثانى يرون أن الذكر يقتل بالأنثى كما تقتل الأنثى بالذكر. ومن هذا الرأى الأئمة الأربعة وحجتهم قوله تعالى: {الحُرُّ بِالْحُرِّ} وقوله عليه السلام: "المسلمون تتكافأ دماؤهم" وأنه - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن بكتاب الفرائض والسنن وذكر فيه أن الرجل يقتل بالمرأة والرجل والمرأة شخصان يحد كل منهما بقذف الآخر، فيقتل كل منهما بالآخر كالرجلين، ولا يجب مع القصاص شئ لأنه قصاص واجب، فلا تجب معه الدية كسائر القصاص، واختلاف الديات لا عبرة به فى القصاص، بدليل أن الجماعة تقتل بالواحد، والنصرانى بالمجوسى مع اختلاف دينهما، والعبد بالعبد مع اختلاف قيمتهما.


(١) المغنى ج٩ ص٣٣٧ , ٣٧٨.
(٢) القرطبى ج٢ ص٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>