للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [النحل: ١٢٦] ولما رواه البراء عن الرسول عليه السلام قال: "من حرق حرقناه ومن غرق غرقناه" ولأن القصاص موضوع على المماثلة والمماثلة ممكنة بهذه الأسباب فجاز أن يستوفى بها القصاص.

وللولى أن يقتص بالسيف فى هذه الأحوال لأنه قد وجب له القتل والتعذيب فإذا عدل إلى السيف فقد ترك بعض حقه وهو جائز له.

وإن قتله بما هو محرم كاللواط وسقى الخمر فيرى البعض أن يفعل به مثل فعله صورة بما هو غير محرم؛ فيفعل به فى اللواط مثل ما فعل بخشبة لتعذر مثل فعله حقيقة، ولسقى الماء بدلاً من الخمر حتى يموت، ويرى البعض أن يكون القصاص بالسيف كلما كان القتل بما هو محرم لنفسه، وإن ضرب رجلاً بالسيف فلم يمت كرر عليه الضرب بالسيف لأنه قتل مستحق وليس ها هنا ما هو أوحى من السيف فيقتل به.

وإن قتله بمثقل أو رماه من شاهق أو منعه الطعام والشراب مدة ففعل به مثل ما فعل فلم يمت فيرى البعض أن يكرر عليه ذلك حتى يموت، ويرى البعض الآخر أنه يقتل بالسيف لأنه فعل مثل ما فعل وبقى إزهاق الروح فوجب بالسيف.

وإن جنى عليه جناية يجب فيها القصاص بأن قطع كفه وأوضح رأسه فمات فللولى أن يستوفى القصاص بما جنى فيقطع كفه ويُوضِِِح رأسه؛ لقوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] فإن مات فقد استوفى حقه وإن لم يمت قتل بالسيف لأنه لا يمكن أن يقطع منه عضو آخر، ولا أن يوضح فى موضع آخر لأنه يصير قطع عضوين بعضو وإيضاح موضحين بموضحة.

وإن جنى عليه جناية لا يجب فيها القصاص كالجائفة وقطع اليد من الساعد فمات منه، فيرى البعض أن يقتل بالسيف، ويخالف مالك الشافعى فى أنه يرى أن يكون القصاص بالسيف دائمًا كلما ثبت القتل بقسامة أو كان القتل بما يطول أمره كمنع الطعام والشراب، ولا يقتص فى الجائفة ولا فى قطع الساعد لأن كليهما

<<  <  ج: ص:  >  >>