للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يسايرك بعضهم، آخذاً بالنصفة والبراءة، قائلاً: نقف عند القرون الخمسة الأولى؛ لأنها قرون الإبداع والخلق (١) . فقال له: إن الخالفين من القرون اللاحقة قد أضافوا إلى ميراث تلك القرون السابقة إضافات صالحة، كشفت عن خبيئة، بل إنهم قد استخرجوا من علم الأوائل علماً آخر، مصبوغاً بصبغتهم، موسوماً بسمتهم، ملبياً حاجات عصرهم، مفجرا طاقات عظيمة من هذا العقل العربي، الذي ما فتىء يغلي ويموج، كالبحر الهادر (٢) .


(١) هكذا يستعملون تلك الكلمة، مرادفة لمعنى الإنتاج الفكري الذي لم يسبق إليه صاحبه، وهم يعتزون كثيراً بتلك الكلمة، ويشتقون منها صيغة مبالغة، فيقولون: "جهد خلاق" وهي كلمات غثه باردة، إذا استعملت في مجال أعمال البشر. ولكن هكذا قدر الله وقضى، أن نتجرع هذه الغصص، في الصحيفة المقروءة، والكلمة المسموعة، والقصة المحكية! ولا يحتجن أحدّ علينا بأن الاشتقاق اللغوي لا يأبى ذلك، فإن لهذا كلاماً آخر.
(٢) يقول الدكتور محمد أبو موسى: "ونقلت هنا إلى شيء مهم، وهو أن اجتهاد أهل الاجتهاد من أئمتنا الكلمة رضوان الله عليهم، لم يكن اجتهاداً في استخراج مسألة من مسألة، أو في استخراج باب من باب، وإن كان ذلك نفيساً وهو علينا عزيز، وإنما كان يكون اجتهادا في استخراج علم من علم ... " ثم يقول عن الشيخ عبد القاهر: "تأمل بحث القصر الذي أسسه على محاوره ذكية مع نص نقله=

<<  <   >  >>