للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مبحث متى تجب كفارة الظهار]

-وقد عرفت أن للظهار حكمين: أخروي، وهو الاثم المستوجب لعقوبة الله، فتجب منه التوبة والعزم على عدم العود والله يقبل التائب ويغفر له ذنبه، ودنيوي، وهي الكفارة.

وفي وقت وجوب الكفارة على المظاهر تفصيل المذاهب (١) .


وإذا قال أمي امرأتي، أو أمي مثل امرأتي فإنه لم يكن مظاهراً لأن اللفظ لا يصلح للظهار على أي حال.
وإذا قال علي الظهار، أو علي الحرام أو الحرام لازم لي. أو أنا عليك حرام، أو أنا عليك كظهر رجل، فإن كل هذا يصح أن يكون كناية في الظهار، فلا يلزم إلا بالنية.
ويصح الظهار منجزاً ومعلقاً، كقوله: إن دخلت دار أبيك فأنت علي كظهر أمي، فمتى دخلت الدار صار مظاهراً، وكذا قال لها: أنت علي كظهر أمي إن شئت، أو شاء زيد فمتى شاء زيد صار مظاهراً، وكذا يصح مطلقاً وموقتاً، كأن يقول: أنت علي كظهر أمي شهراً، أو شهر رمضان، فإذا انقضى الوقت المحدد حلت له بدون كفارة. فإن وطئها في المدة لزمته الكفارة. وإذا قال إن شاء الله انحل الظهار لأنها يمين، كما تقدم في مباحث الأيمان، في الجزء الثاني) .
(١) (الحنفية - قالوا: تجب عليه كفارة الظهار عند عزمه على استباحة وطئها عزماً مستمراً لا رجوع فيه، وذلك لأنه حرم وطأها عليه بالظهار منها، ولا تجب عليه الكفارة إلا بالعود إلى استباحة الوطء، كما قال تعالى: {ثم يعودون لما قالوا} ، أي يعودون لتحليل ما قالوا أي ما حرموه بقولهم أو يعودون لنقض ما قالوا، ومعنى يعودون على هذا يصيرون، لأن العود معناه الصيرورة ومنه قوله تعالى: {حتى عاد كالعرجون القديم} أي صار، ويصح أن يكون المراد يرجعون عما قالوا فتكون اللام بمعنى عن، والمعنى ثم يرجعون عن قولهم الأول، وعلى كل حال فرجوعهم عن قولهم أو عودتهم لتحليل ما ترتب عليه من تحريم زوجاتهم، أو عودتهم إلى نقضه فإنما يكون بالعزم على استباحة الوطء عزماً مستمراً، بحيث لو عزم ثم بدا له أن لا يطأ، لا تجب عليه الكفارة.
فإن قلت: إذا ظاهر منها ثم تركها ولم يعزم على استباحة وطئها ولم يكفر حتى مضت مدة أربعة شهور فهل تبين منه بذلك كما لو آلى أن لا يقربها أربعة شهور. أو لا؟
والجواب: تبين، لأن الإيلاء لا يتحقق إلا باليمين، أو بالتعليق على أمر شاق على النفس، والظهار ليس بيمين، لأنه منكر من القول وزور. ولا تعليق فيه وقد يقال: إن الزوج قد يظاهر من امرأة لكراهته إياها، ثم يتركها كالمعلقة فلا يطؤها ولا يكفر فيكون ضرر الظهار أشد من ضرر عدم الوطء، والجواب: أن الحنفية لهم رأيان في مثل هذه الحالة، فمنهم من يقول: إن قواعد المذاهب وإن كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>