للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مبحث الشهادة في الزنا]

-لأن حد الزنا منوط في الوقع بلإقرار الزاني، فإذا لم يقر الزاني، فإنه لا يمكن إثباته عليه بالبينة، لأنه لا يثبت إلا بأربعة شهود عدول، يرون الإيلاج بالفعل، وذلك إن لم يكن محالاً، فهو متعذر (١) .


في الكبير من حديث أبي أمامة بن سهل عن خالته العجماء: أن فيما أنزل اللَّه من القرآن (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة) .
وعن ابي هريرة، وزيد بن خالد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنمها قالا: (إن رجلاً من الأعراب أتى رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم فقال: يا رسول اللَّه أنشدك اللَّه الا قضيت لي بكتاب اللَّه، وقال الخصم الآخر، وهو أفقه منه نعم، فاقض بيننا بكتاب اللَّه وائذن لي، فقال رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَم قل، قَالَ: إن ابني كان عسيفاً عند هذا فزنى بامرأته - وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة، وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب اللَّه، الوليدة والغنم رد، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس - لرجل من أسلم - إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها قَالَ: فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم فرجمت) رواه الجماعة.
وعن عبادة بن الصامت قَالَ: (قال رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم خذوا عني خذوا عني قد جعل اللَّه لهن سيبلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي، وعن جابر بن عبد سمرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. أن رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم رجم ماعز بن مالك رواه أحمد. وقد أجمعت الأمة على وجوب حد الرجم على الزاني المحصن) .
-
(١) (اتفقت كلمة الفقهاء على أن جريمة الزنا تثبت بالشهادة، أو الإقرار، واتفقوا على أن عدد الشهود في هذه الجريمة المنكرة، أربعة، بخلاف سائر الحقوق، لقوله تعالى: {ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} وقوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم} وقوله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم للذي قذف امرأته (ائت بأربعة يشهدون على صدق مقالتك - وإلا فحد في ظهرك) واجماع الأمة على ذلك.
وافق الأئمة على أن صفة الشهود أن يكونوا عدولاً، وأن يكونوا ذكوراً، غير محدودين.
واتفقوا على أن من شروط هذه الشهادة أن تكون بمعاينة فرجه في فرجها، وأن تكون الشهادة بالتصريح، لا بالكناية لأن في اشتراط العدد بالأربعة يتحقق معنى الستر على عباد اللَّه تعالى، الذي دعا إليه الشارع، ولأن الشيء كلما كثرت شروطه قل وجوده، وذلك قصد الشارع.
واختلف الفقهاء في اشتراط عدم تعدد المجلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>