للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مبحث حرص الشريعة على محو الرذائل الخلقية]

-لأن الشريعة الإسلامية حريصة على محو الرذائل الخلقية، والضرب على أيدي العابثين بالأخلاق؛ التي عليها قوام الأمم، وسعادتها. حريصة على كرامة الناس، وأنسابهم، فلم يبق أمام الأمة إلا أن تمسك بالصيانة، والحياء، ولا تجاهر بالفواحش، وإلا أوشك الله أن سلط عليها من لا يرحمها (١)


وقال أهل السنة: إن الآية دالة على بطلان قول من يقول: إن وقوع الزنا يفسد النكاح. وذلك لأنه يجب إذا رماها بالزنا أن يكون قوله هذا كأنه معترف بفساد النكاح حتى يكون سبيله سبيل من يقر بأنها أخته من الرضاع، أو بأنها كافرة، ولو كان كذلك لوجب أن تقع الفرقة بنفس الرمي، من قبل اللعان، وقد ثبت بالإجماع فساد ذلك الرأي.
رأي المعتزلة
المعتزلة - قالوا: دلت آية اللعان على أن القاذف مستحق للعن الله تعالى إذا كان كاذبا، وأنه قد فسق، وكذلك الزاني والزانية، يستحقان غضب الله تعالى وعقابه، وإلا لم يحسن منهما أن يلعنا أنفسهما. كما لا يجوز أن يدعو أحد ربه أن يلعن الأطفال، والمجانين، وإذا صح ذلك فقد استحق العقاب، والعقاب يكون دائما كالثواب، ولا يجتمعان، فثوابهما أيضا محبط، فلا يجوز إذا لم يتوبا أن يدخلا الجنة، لأن الأمة مجمعة على أن من دخل الجنة من المكلفين فهو مثاب على طاعاته، وذلك يدل على خلود الفساق في نار جهنم.
الأئمة - قالوا: لا نسلم أنه كونه مغضوبا عليه بفسقه يتأتى كونه مرضيا عنه لجهة إيمانه، ثم لو سلمناه، لم نسلم أن الجنة لا يدخلها إلا مستحق الثواب، والإجماع ممنوع، وقيل: إنما خصت الملاعنة بأن تخمس بغضب الله تغليظا عليها لأنها هي أصل الفجور ومنبعه بخيلائها وأطماعها، ولذلك كانت في مقدمة آية الجلد) .
-

(١) لقد نهى الشارع الحكيم عن الزنا ونفر من النكاح الحرام وجعله من الذنوب التي تحبط الأعمال وتدخل فاعلها النار فقال تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً، وساء سبيلاً} الآية ٢٢ من النساء.
وقال تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق إثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة، ويخلد فيه مهاناً} فقد قرنه الله تعالى بالشرك وقتل النفس التي حرم الله وهما من أفحش الذنوب وأكبر الكبائر التي حرمها الله تعالى، فدل ذلك على عظم حرمة الزنا، وأنه من أعظم الذنوب وأفحشها، حيث عقب الله تعالى على ذكر هذا الذنب، بأن فاعله يرتكب إثماً عظيماً، ويضاعف الله له العذاب في نار جهنم، ويمكث فيه مدة طويلة محتقراً مهاناً كأنه مخلد فيها. وقال الله تعالى: {قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن} .

<<  <  ج: ص:  >  >>