للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إجماع الشرائع على أن القذف اعتداء على الأعراض]

-وقد اجمعت الشرائع والعقول، على أن القذف بهذا المعنى اعتداء على الأعراض التي، يقتضي النظام العام صيانتها خصوصاً إذا لوحظ، ما يترتب عليه من شر، وفاسدن لأن قذف المحصنات بالزنا يوجب لا محالة العداوة، والبغضاء بين الأسر، ويولد الضغائن والأحقاد، في نفوس الناس، وربما أفضى إلى الانتقام بقل النفس وذلك شر وبيل، يجب أن توضع له عقوبة تحذر الناس عنه، فلا يطلقون لألسنتهم العنان فيه، حذراً مما يترتب عليه من شر وفساد.


أربعين ثم جاء به الآخر تمم له الثمانين، لأن الرعين وقع لهما، يبقى الباقي أربعين، ولو قذف آخر قبل أن يأتي به الثاني، تكون الثمانون لهما جيمعاً، ولا يضرب ثمانين مسأنفاً لأن ما بقي تمامه حد الأحرار، فجاز أن يدخل فيه الأحرار، وذلك لتداخل حد القذف.
الشافعية قالوا: إن اختلف المقذوف، أو المقذوف به وهو الزنا لا يتداخل لأن الغلب في حد القذف حق العبد عندهم، فإن قذف جماعة بكلمات، أو قذف واحداً مرات بزنا آخر يجب لكل قذف حد.
مبحث إذا قذف الصبي أو المجنون زوجته
إذا قذف الصبي أو المجنون امرأته، أو أجنبياً، فلا حد عليهما ولا لعان، لا في الاحال ولا بعد البلوغ، لسقوط التكليف عنهما لقوله صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاث) ولكن يعزران للتأديب إن كان لهما تمييز، فلو لم تتفق إقامة التعزير على الصبي حتى بلغ يسقط عنه التعزير.
قذف الأخرس
الحنفية قالوا: لا يصح قذف الأخرس، ولا لعانه. ولا يقام عليه الحد، لأن إشارته غير مفهومة، وفيها شك وشبهة والحدود تدرأ بالشبهات.
الشافعية قالوا: إن الأخرس إذا كانت له إشارة مفهومة، أو كتابة معلومة وقذف محصناً أو محصنة بالإشارة، أو بالكتابة لزمه الحد، وكذا يصح لعانه، وهو قول أقرب إلى ظاهر الآية الكريمة، لأن من كتب، أو أشار إلى القذف وفهم منه ذلك، فقد رمى المحصنة، وألحق العار بها، فوجب اندراجه تحت الظاهر، ولأنا نقيس قذفه ولعانه على سائر الأحكام.
قذف الكافر
اتفق الأئمة رحمهم الله على دخول الكافر تحت عموم الآية في قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات} لأن الاسم يتناوله ولا مانع، فللمسيحي واليهودي إذا قذف المسلم يجلد ثمانين سوطاً مثل المسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>