للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبحث عقاب قاتل النفس ظلماً.

-وقد قال بعض الأئمة المجتهدين: إن قاتل النفس خالد في النار كالكافر، بدون قرف، كما هو ظاهر هذه الآية: {ومن قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها} .

وساء صح هذا القول، أو لم يصح، فإنه يكفي أن يمكث القاتل معذباً في نار جهنم زمناً طويلا، ويكفيه غضب الله عليه، ولعنته إياه، ويكفيه أن الله أعد له عذاباً عظيماً، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، ولا شك أن من كان عنده مثقال ذرة من إيمان وسمع هذه الآية، فانهيفر من العدوان على دماء الناسن كما تفر الشاة من الذئبن فلو فرض، وقتل شخص آخر في جنح الظلام، وأفلت من القصاص في هذه الحياة الدنيا، فإن ذلك شر له، لا خير فيهن لأن العقوبة الأخروية الشديدة تنتظره، وغضب الله عليه، في هذه الحياة الدنيا ينتظرهن أما من اقتص منه في حياته الدنيا، فإنه يكون كفارة له في الآخرة على التحقيق، لأن الله أكرم من أن يعذب مرتينن وقد فعل به ما فعله بغيره جزاء وفاقاً (١)


إثماً ممن كان قتله خطأ، فكانت الكفارة به أليق ممن كان قتله خطأ، وقد اتفقوا على وجوب الكفارة في القتل الخطأ، فلأن تجب عليه في العمد أولى، فطردوا هذا في كفارة اليمين الغموس، الواجبة بانص، قال تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين} الآية.
واحتجوا على مذهبهم بما رواه الإمام أحمد عن واثلة بن السقع قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم نفر من بني سليم، فقالوا: إن صاحباً لنا قد اوجبـ يعني النار بالقتل قال: (فليعتق رقبة يفدي الله بكل عضو منها عضواً منه من النار) وإيجاب النار غنما يكون بالقتل العمد. فهذا دليل واضح على أن الكفارة تجب في قتل العمد) .
-

(١) (اتفق الأئمة رحمهم الله تعالى على أن قاتل النفس المؤمنة متعمداً، يجب عليه ثلاثة أمور، الأول الإثم العظيم، لقوله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها، وغضب الله عليه، ولعنه، واعد له عذاباً عظيماً} وقد وردت به أحاديث كثيرةن وانعقد عليه غجماع المة، الثاني يجب عليه القود ت لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} إلا انهتقيد بوسف العمدية لقول صلى الله عليه وسلم (العمد قود) أي موجب له.
الثالث يوجب حرمان القاتل من الميراث، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ميراث لقاتل) ولكن العلماء اشترطوا أموراً في القاتل الذي يقاد منه، وفي المقتول، وفي صفة القتل.
فقالوا: إن القاتل الذي يقتص منه في القتل العمد يشترط فيه أن يكون عاقلاً، فلا قصاص على

<<  <  ج: ص:  >  >>