للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضع عقوبة منضبطة يمكن تطبيقها على سائر الناس، فالله العليم بأحوال عباده، الخبير بما تقبضيه طبائعهم ناط أم تقدير العقوبات بأولي الأمر، ثم كلفهم السهر على مصالح رعاياهم، والاستمساك بكل الوسائل المفضية إلى تربيتهم تربية صالحة، والقيام بتأديب المجرمين، بالعقوبات المناسبة، كي يعيش الناس في أمن، ودعة، وراحة، واطمئنان.

[سؤال وجوابه.]

-وها هنا سؤال ظاهر - وهو أن عقوبة التعزير لم ينص عليها في الشريعة الإسلامية، بخصوصها، فهل عمل الحاكم في هذا الباب يقال له: حكم شرعي، أو وضعي؟

وهذا هو السؤال الأخير، فإليك الجواب.

والجواب: أنه لا يخرج حكم من الأحكام عن نصوص الشريعة الإسلامية. ما دامت السموات والأرض، وليس معنى هذا أن كل حادثة منصوص عليها بخصوصها، فإن هذا مما لا معنى له، لأن الحوادث تتجدد بتجدد الزمان والمكان، ولكن الغرض أن كل حادثة من الحوادث المتجددة لا بد أن تدخل تحت قاعدة كلية من قواعد الشريعة الإسلامية (١) .


المالكية قالوا: يجب تجريده من ثيابه في الحدود كلها إلا ما يستر عورة زيادة في زجره.
الحنابلة قالوا: لا يجرد من ثيابه في الحدود كلها، بل يجرد من الجلد، والفرو، والحشو خاصة. ويضرب فيما لا يمنع ألم الضرب كالقميص والقميصين، ونحو ذلك، لأن الألم يحصل مع وجوده.
الحنفية، والحناللة قالوا: إنه يجب أن يفرق الضرب على جميع البدن إلا الوجه، والفرج، والرأس.
الشافعية - قالوا: لا يضرب الفرج، والوجه، والخاصرة، وسائر المواضع المخوفة حتى لا يفضي إلى الموت.
المالكية قالوا: يجوز ضرب الظهر وما قاربه، ولا يجب أن يفرق الضرب على جميع الأعضاء زيادة في الألم اهـ) .
-

(١) (فما من حادثة تحدث في المجتمع إلا ويجد الحاكم لها حكماً في الشرع تحت قادعة من قواعد الشريعة الإسلامية، خصوصاً حد التعزير الذي أعطى للحاكم سلطة سن العقاب الزاجر الذي يراه مناسباً للمجرم المنحرف. فقد روي أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رأى في طرقات المجينة رجلاً يتبختر في مشيته ولمه فيه مظاهر العبث والاستهتار التي لا تليق بالرجال الكمل فزجره وأمره بترك مسلكه هذا، فتعلل بالرجل بأن هذا في طبيعته ولا يطيق تركه، فأمر سيدنا عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>