للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكبيرة التاسعة اليمين الغموس]

-تاسعها اليمين الغموس وهو أن يحلف على حصول شيء وهو عالم أنه لم يحصل. كأن يقول: والله ليس لك علي دين. وهو يعلم أنه له، أو يحلف على أن فلاناً لم يضرب فلاناً، وهو يعلم أنه ضربه، فقد روى البخاري أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: الإشراك بالله قال: ثم ماذا؟ قال: اليمين الغموس. قلت: ما اليمين الغموس؟ قال: يقتطع مال امرئ مسلم) يعني بيمين هو فيها كاذب.

ولا نزاع في أن هذه اليمين الفاجرة من الكبائر، بشرط أن يترتب عليها قطع حق، أو إيذاء من لا يستحق الإيذاء، أو إدانة بريء، أو نحو ذلك.

أما إذا لم يترتب عليها شيء من ذلك فإنها تكون صغيرة لا كبيرة.

وبعضهم يقول: إن اليمين الغموس كبيرة مطلقاً، لأن الحالف بها قد انتهك حرمة اسم الله تعالى، فجزاؤه العذاب الأليم، إلا إذا تاب توبة نصوصاً.

وليس لليمين الغموس كفارة إلا التوبة منها، عند جمهور العلماء،


عن خريم بن فاتك الأسدي قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فلما انصرف قام فائماً، فقال: (عدلت شهادة الزور الإشراك بالله عز وجل) ثم تلا هذه الآية: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاة لله غير مشركين به} وقال سفيان الثوري عن عاصم بن أبي النجود عن وائل بن ربيعة عن أبن مسعود أنه قال: تعدل شهادة الزور الإشراك بالله، ثم قرأ هذه الآية.
وفي الصحيحين عن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت) أي شفقة عليه وكراهية لما يزعجه، وهذا يدل على انقسام الكبائر في عظمها إلى كبير وأكبر، ولا يلزم من كون هذه أكبر الكبائر استواء رتبتها، فإن الإشراك أكبر الذنوب المذكورة، وجلوس النبي صلى الله عليه وسلم بعد اتكائه يشعر باهتمامه بذلك، ويفيد تأكيد تحريمه وعظم قبحه، وسبب الاهتمام بذلك كون شهادة الزور أسهل وقوعاً على الناس، والتهاون بها والحامل عليها كثير مثل العدواة، والحقد، والحسد، وغير ذلك فاحتيج إلى الاهتمام بها، وفي لاتزول قدما شاهد الزور يوم القيامة حتى تجب له النار) وفي الأثر (عدلت شهادة الزور) "الإشراك بالله".
-

<<  <  ج: ص:  >  >>