للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبي يمنع من مس المصحف إذا لم يكن متوضئاً، ومنها أن لا يوجد حائل يمنع وصول الماء إلى العضو الذي يراد غسله، فإذا كان على اليد أو الوجه أو الرجل أو الرأس شيء يمنع وصول الماء إلى ظاهر الجلد، فإن الوضوء لا يصح. مثلاً إذا كان على العين غماض لا ينفذ منه الماء إلى الجلد. فإن الوضوء لا يصح وكذا إذا كان على الوجه أو اليد قطعة دهن جامدة. أو قطعة شمع. أو عجين. أو نحو ذلك. فإن الوضوء لا يصح. ومنها أن لا يوجد من المتوضئ ما ينافي الوضوء مثل أن يصدر منه ناقض للوضوء في أثناء الوضوء. فلو غسل وجهه ويديه مثلاً ثم أحدث فإنه يجب عليه أن يبدأ الوضوء من أوله. إلا إذا كان من أصحاب الأعذار الآتي بيانها. فإذا كان مصاباً بسلس البول. ونزلت منه قطرة أو قطرات أثناء الوضوء فإنه لا يجب عليه استشناف الوضوء. كما ستعرفه في - مبحثه -.

وأما شروط وجوبه وصحته معاً فمنها العقل. فلا يجب الوضوء على مجنون (١) ، ولا مصروع، ولا معتوه (٢) ، ولا مغمى عليه. وإن توضأ واحد من هؤلاء فإن وضوءه لا يصح. بحيث لو توضأ المعتوه ثم بعد لحظة برئ من مرضه هذا فإنه لا تصح صلاته بهذا الوضوء. ومثله المجنون، أما المعتوه أو المصروع والمغمى عليه، فإنه لا يتصور وقوع الوضوء منهم. ولكن ذكر هذه الصور لبيان أن الله سبحانه قد رفع عنهم التكليف في هذه الحالة من جميع الوجوه بحيث لو فرض ووقع منهم شيء من ذلك فإنه لا يصح وللإشارة إلى أن التصرفات الشرعية بإزاء العبادات كغيرها من التصرفات بإزاء المعاملات لا بد فيها من العقل. ومنها نقاء المرأة من دم الحيض والنفاس. فلا يجب الوضوء على حائض. فإن وضوءها لا يعتبر لعدم صحته؛ نعم يندب للحائض أن تتوضأ في وقت كل صلاة، وتجلس في مصلاها، كما سيأتي في "مباحث الحيض" ولكن هذا الوضوء صوري، طلب منها كي لا تنسى الصلاة حال تركها إياها، ومنها عدم النوم والغفلة، لأن النائم غير مكلف حال نومه، رحمة به، وكذلك الغافل، فإذا فرض ووقع الوضوء منهما وقع باطلاً، وقد يظن بعضهم أن المراد بالنائم المتمدد بجسده على سريره، أو على غيره؛ فإن هذا لا يتصور منه وقوع الوضوء، ولكن هذا ليس المراد وإنما المراد


(١) الحنفية قالوا: الجنون، والصرع. ونحوهما مما ذكر من نواقض الوضوء. فهي تنافي صحة الوضوء. وعلى هذا تكون من شروط صحة الوضوء. وقد عرفت أنها من شروط الوجوب عندهم. فتكون بهذا الاعتبار من شروط الوجوب والصحة معاً.
(٢) الحنفية قالوا: المعتوه هو ما اختلط كلامه. وقسد تدبيره، مع كونه هادئاً لا يشتم أحداً ولا يتخبط ولا يضرب ومثل هذا تصح عبادته كالصبي ولكن لا تجب عليه فعدم العته من شروط الوجوب فقط. لا من شروط الصحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>