للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شروط صحة الحج - حج الصبي المميز وغيره - وقت الحج]

يشترط لصحة الحج الإسلام، سواء مباشرة الشخص بنفسه أو فعله نيابة عنه، فلا يصح من الكافر ولا عنه طبعاً، والتمييز، فإذا حج صبي مميز وقام بأعمال الحجر، فإنها تصح منه: كالصلاة، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وقال المالكية؛ إن التمييز شرط لصحة الإحرام لا لصحة الحج، والأمر في ذلك سهل، فإن التمييز لا بد منه على كل حال، أما الصبي الذي لا يميز والمجنون فإن الحج لا يصح منهما، فلا يصح منهما إحرام، ولا أي عمل من أعمال الحج، ولكن على الوالي أن يقوم بالإحرام عنهما، وعليه أن يحضرهما المواقف، فيطوف ويسعى بهما، ويأخذهما إلى عرفة، وهكذا، ومن شروط صحة الحج أن يباشر أعماله في وقت خاص، فإذا باشرها في وقت آخر بطل حجه، وفي بيان هذا الوقت اختلاف المذاهب، فانظره تحت الخط (١) .


(١) الحنفية قالوا: الوقت الذي هو شرط لصحة الحج هو وقت طواف الزيارة، ووقت الوقوف، فأما وقت الوقوف فهو من زوال شمس يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر، وأما طواف الزيارة فوقته من فجر يوم النحر إلى آخر العمر، فيصح الطواف في أي زمن بعد الوقوف بعرفة في زمنه المذكور، فلو لم يقف بعرفة في زمنه قبل الطواف لم يصح طوافه، وأما الوقت الذي لا يصح شيء من أفعال الحج قبله، فهو شوال، وذو القعدة وعشر ذي الحجة، فلو طاف أو سعى قبل ذلك، فلا يصح، ويستثنى من ذلك الإحرام، فإنه يصلح قبل أشهر الحج من الكراهة، وزاد الحنفية في شروط الصحة: المكان المخصوص، وهو أرض عرفات للوقوف؛ والمسجد الحرام لطواف الزيارة؛ والإحرام، وقد عدوا شروط الصحة فقط ثلاثة: الإحرام، الوقت، المكان، أما الإسلام فهو شرط وجوب وصحة معاً وأما التمييز فلم يعدوه من شروط الصحة؛ وإن كان شرطاً في المعنى، لأن إحرام غير المميز لا يصح عندهم.
المالكية قالوا: الوقت الذي هو شرط لصحة الحج منه ما يبطل الحج بفواته، ومنه ما لا يبطل الحج بفواته، وهو أنواع: وقت الإحرام بالحج، ووقت الوقوف بعرفة؛ ووقت الطواف بالركن، وهو طواف الإفاضة، ويسمى طواف الزيارة، ووقت بقية أعمال الحج: كرمي الجمار، والحلق، والذبح، والسعي بين الصفا والمروة؛ فوقت الإحرام من أول شوال إلى قرب طلوع فجر يوم النحر بحيث يبقى على الفجر زمن يسع الإحرام، والوقوف بعرفة؛ وليس ابتداء الإحرام في ذلك الوقت شرطاً لصحة الحج، فيصح ابتداء الإحرام قبل ذلك الزمن إذا استمر محرماً إلى دخوله، وبعده مع الكراهة فيهما، ويكون الإحرام بعده للعام القابل، لأنه لا يمكن الحج في هذا العام، لفوات زمن الوقوف؛ ووقت الوقوف الركن من غروب شمس يوم عرفة إلى طلوع فجر العيد، وأما الوقوف لحظة من الوقت الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>