للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم]

لا ريب في أن زيارة قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام من أعظم القرب وأجلها شأناً، فإن بقعة ضمت خير الرسل وأكرمهم عند الله لها شأن خاص؛ ومزية يعجز القلم عن وصفها؛


أن ينيب من يؤديهما عنه وجوباً فورياً، وأساب العجز كبر السن، والعاهة، والمرض الذي لا يرجى برؤه، وثقل الجسم الذي لا يقدر المرء أن يركب معه الراحلة إلا بمشقة شديدة، والهزال الذي لا يستطيع أن يثبت معه على الراحلة إلا بمشقة لا تحتمل بحسب العادة، ومن ذلك ما إذا لم تجد المرأة محرماً تحج معه، ولا يشترط في النائب أن يكون رجلاً، بل تجزئ إنابة المرأة أيضاً، وإذا عوفي العاجز وقدر على الحج أو العمرة بنفسه، فلا يلزم بأدائهما مرة أخرى، سواء كانت قدرته بعد فراغ النائب من أعمالهما أو بعد الشروع وقبل الفراغ، أما إذا عوفي قبل إحرام النائب بهما؛ فلا بد من أدائهما بنفسه، ولا يجزئه حج النائب عنه، ولا عمرته لو فعل، وكذلك العاجز الذي يرجى زوال عجزه لا تجزئه النيابة، ويجب عليه أن يحج ويعتمر بنفسه متى زالت علته وإذا كان العاجز قادراً على الإنفاق على النائب، ولم يجد نائباً لم يجب عليه الحج، فإذا وجد النائب بعد ذلك لم تلزمه الإنابة إلا إذا كان مستطيعاً، ومن توفي قبل أن يحج الحج الواجب عليه، سواء كان ذلك بعذر أو بغير عذر، وجب أن يخرج من جميع ماله نفقة حجة وعمرة، ولو لم يوص، وأن يحج عنه من المكان الذي وجب عليه فيه الحج، لا من المكان الذي مات فيه ويجوز أن يكون الإحجاج عنه من خارج بلده إذا كان بينهما أقل من مسافة القصر، فإن كان أكثر فلا يجوز، ولا يجزئه حج النائب عنه، ويسقط الحج عن الميت بحج أجنبي عنه، ولو بلا إذن وليه، ويجب أن يكون النائب ليس عليه حجة الإسلام، ولا حجة قضاء، ولا نذر، فإذا استناب من عليه شيء من ذلك فلا يصح حجة عنه، ويجب عليه أن يرد إلى المنيب ما أخذ منه في مقابلة الحج عنه، والعمرة كالحج في ذلك، فلا يصح
أن يعتمر الشخص نيابة عن غيره إذا كان لم يعتمر عن نفسه عمرة الإسلام، أو عليه عمرة منذورة أو قضاء؛ ويصح أن ينوب في الحج من أداه عن نفسه، وإن كان عليه العمرة؛ وكذلك يصح أن ينوب في العمرة من لم يحج عن نفسه، ولكنه أدى العمرة الواجبة عليه، ويجب أن يؤدي المأمور ما أمر به؛ فلو أمره بالحج فاعتمر أو بالعكس، فلا يجوز، ولا يجزئ عن الآمر، ويجب على المأمور أن يرد إليه ما أخذه، وهذا في الحج والعمرة عن الحي، أما الميت فيقع عنه ما فعله النائب، حجاً كان أو عمرة، ولا إذان لوارثه؛ ويكفي النائب أن ينوي النسك - الحج والعمرة - عن المستنيب، ولا يشترط التلفظ باسمه؛ وللنائب النفقة المعتادة لأمثاله بحسب العرف، ويرد ما زاد على ذلك، وله نفقة العودة ولو طال مقامه بمكة، إلا إذا اتخذها داراً له، ولو زمناً قصيراً، كساعة، فليس له نفقة في العودة منها، وإذا أفسد النائب حجة فعليه القضاء؛ ويجب عليه أن يرد ما أخذه من المستنيب، لأن الحج لم يقع عنه؛ وكذلك إن فاته الحج بتفريطه، فإن لم يفرط فله النفقة. وإن مرض النائب في الطريق فعاد فله النفقة في رجوعه، ودم القران والتمتع على المستنيب إن أذن فيهما، وإلا فعلى النائب، كما أن كفارة الجنايات تكون على النائب

<<  <  ج: ص:  >  >>