للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مباحث الخيار]

معنى الخيار في البيع وغيره: طلب خير الأمرين منهما، والأمران في البيع الفسخ والإمضاء فالعاقد مخير بين هذين الأمرين.

والأصل في عقد البيع أن يكون لازماً متى استكمل شرائطه، ولكن قد عدل عن تلك في مسائل الخيار لحكمه جليلة وهي مصلحة العاقدين. فقد أباح الشارع الخيار استيفاء للمودة بين الناس. ودفعاً للضغائن والأحقاد من أنفسهمن إذ قد يشتري الواحد السلعة أو يبيعها لظرف خاص يحيط به بحيث لو ذهب ذلك الظرف لندم على بيعها أو شرائها، ويعقب ذلك الندم غيظ فضغينة وحقد وتخاصم وتنازع إلى غير ذلك من الشرور والمفاسد التي يحذر منها الدين ويمقتها كل المقت.

فمن أجل ذلك جعل الشارع للعاقد فرصة يحتاط فيها لنفسه، ويزن فيها سلعته في جو هادئ كي لا يكون له عذر في الندم بعد ذلك، على أنه قيد ذلك بشروط تحفظ للعقد قيمته، فلا يكون عرضة للنقض والإبطال بدون سبب صحيح فقال: إن الخيار في العقد لا يصح إلا بأمرين: (١) .


(١) الشافعية - قالوا: يثبت خيار المجلس بعد تمام العقد بدون شروط الخيار، بل لو اشترط العاقد عدم الخيار بطل البيع لأنه شرط يقتضي العقد عدمه، لأن الخيار في المجلس ثبت بالنص لا بالاجتهاد فأصبح من مقتضى العقد، وكل شرط لا يقتضيه العقد فهو باطل، والخيار إما أن يكون لدفع الضرورة وهو خيار النقض، وإما أن يكون للتروية وله سببان: المجلس والشرط فأقسامه ثلاثة.
ويثبت خيار المجلس عندهم في كل عقد توفرت فيه خمسة قيود:
الأول: أن يكون عقد معاوضة أي محتو على عوض من المتعاقدين، فخرج بذلك الهبة بدون عوض لأنها ليست عقد معاوضة كما هو ظاهر. فلا خيار فيها بعد.
أما قبله فللواهب الرجوع وكذا بعده، أو كان أصلاً فيما وهببه لفرعه. وكذلك خرج صلح الحطيطة وهو الصلح من الشيء على بعضه، كأن يصطلح معه على أن يحط له شيئاً مما عليه فإنه لا معاوضة فيه فلا خيار فيه.
الثاني: أن يفسد العقد بفساد العوض. وذلك كأن يبيع له عنياً ليست مملوكة له، فإن أحد العوضين وهو المبيع في هذه الحالة فاسد، فالبيع فاسد بفساد العوض فيصح الخيار في كل عقد يفسد

<<  <  ج: ص:  >  >>