للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مبحث آداب قضاء الحاجة]

قد عرفت أن قضاء الحاجة من بول ونحوه قد جعل الشارع له أحكاماً: منها ما هو خاص بإزالته، ويقال له: استنجاء، إذا كان بالماء، واستجمار، إذا كان بغير الماء، من حجر ونحوه؛ وقد قدمنا لك حكم الاستنجاء في المذاهب، وبقي آداب قضاء الحاجة؛ وههنا سؤال يردده بعض الناس، وهو أن قضاء الحاجة من الأمور الطبيعية التي تتبع حالة الإنسان وظروفه الخاصة به، فالتقيد فيها بالتكاليف الشرعية قد يخرج الإنسان، ويضطره إلى ارتكاب ما يشق عليه من غير ضرورة تدعو إلى ذلك؛ ولكن هذا الكلام كغيره من اعتراضات الذين يريدون أن يتنصلوا من التكالف الشرعية في جميع أحوالهم، وإلا فأي فرق بين القيود التي أمر الشارع بها في حال الحيض والجماع، ونحوهما، وبين هذه القيود التي ستعرفها؟! ومن حسن الحظ أن الشريعة الإسلامية قد أتت في كل ذلك بما يقره العقل، وتقتضيه صحة الأبدان، ويستلزمه نظام الاجتماع من نظافة لا بد منها؛ فالواقع أن الشريعة الإسلامية، وإن كانت ههنا لا تسال عن علة، ولا عن سبب، لأن هذه تكاليف خاصة بالإنسان وحده، لأنه عبادات ليس من حق الإنسان أن يتبرم بها، إلا إذا عجز عن أدائها، كما قدمنا لك في أول: مباحث الطهارة" ولكنها مع هذا فقد جاءت بكل شيء معقول، وشرعت للناس العبادة التي تناسب أحوالهم الاجتماعية والصحية، وإلا فمن ذا الذي يقول: إن النظافة من الأخبثين غير لازمة؟! ومن ذا الذي يقول: إن الآداب التي ستعرفها غير نافعة للإنسان؟! فالشريعة الإسلامية كلها خير للمجتمع، وكلها إحسان إلى الناس، وكلها قيود صالحة لا يستطيع أحد أن ينال منها؛ وإليك بيان الأحكام المتعلقة بقضاء الحاجة من واجب، أو حرام، أو مندوب، أو مكروه بالترتيب:


مرضاً يمنعه من الاغتسال، وكان فرضه التيمم؛ الصورة الثانية؛ أن ينزل منه المني على وجه السلس، بأن ينزل منه كل يوم ولو مرة، وفي هذه الحالة يعفى عنه، فلا يلزم الاستنجاء لا بماء، ولا حجر، وكذلك الحكم في الصورة الأولى؛ وهذا كله إذا كان معه ماء يكفي، وإلا فلا يجب عليه شيء من ذلك، ومنها الحيض، والنفاس في حالة ما إذا قام بالمرأة عذر يرفع عنها الاغتسال، وإلا كان الواجب غسل جميع البدن، كما في خروج المني، فإذا انقطع حيض المرأة.
أو نفاسها، وكانت مريضة لا تستطيع أن تغسل بالماء، أو كانت في جهة لا تجد فيها ماء يكفي لغسلها، أو نحو ذلك، فإنها يفترض عليها في هذه الحالة أن تتيمم، وإذا كان معها ماء يكفي للاستنجاء، فإنه يجب عليها أن تستنجي بالماء، ولا يكفي المسح بالحصى ونحوه. هذا، ويكره الاستنجاء من الريح) .

<<  <  ج: ص:  >  >>