للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم السلم ودليله]

وحكم السلم الجواز، فهو رخصة مستثناة من بيع ما ليس عند بائعه. ودليل جوازه الكتاب والسنة والإجماع.

فأما الكتاب فقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} والدين عام يشمل دين السلم ودين غيره، وقد فسره ابن عباس بدين السلم.

وأما السنة فمنها خبر الصحيحين: "ومن أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم". وقد أجمع أئمة المسلمين على جوازه.

[أركان السلم وشروطه]

السلم قسم من أقسام البيع كما تقدم؛ فأركان البيع أركان له، وشروطه شروطه، غلا أنه للسلم شروط زائدة على شروط البيع.


- بكسر اللام - كما يسمى رب السلم. ويسمى صاحب السلعة المؤجلة: مسلم إليه وتسمى السلعة كالقمح والزبد: مسلم فيه. ويسمى الثمن: رأس مال السلم، فإذا أراد شخص أن يشتري قمحاً مؤجلاً إلى أجل مسمى بنقد يدفعه فوراً كان ذلك سلماً ويسمى المشتري مسلماً، والبائع مسلماً إليه، والقمح مسلماً فيه، والثمن رأس مال السلم، ولا يشترط فيه أن يكون بلفظ السلم ولا بلفظ السلف، بل ينعقد البيع والشراء بلفظ السلم أيضاً.
المالكية - قالوا: السلم عقد معاوضة يوجب شغل ذمة بغير عين ولا منفعة غير متماثل العوضين فقوله معاوضة معناه: ذو عوض يدفعه كل واحد من طرفي العقد لصاحبه، خرج به الهبة والصدقة وغيرهما من العقود التي لا معاوضة فيها، بل فيها بذل من جانب واحد فقط، وقوله بغير عين، خرج به بيع سلعة بعين مؤجلة من ذهب أو فضة كما تقدم في تعريف البيع، وقوله ولا منفعة. خرج به كراء الداء ونحوه المضمون فإنه عقد معاوضة بغير عين ولكن أحد عوضيه منفعة، وقوله غير متماثل العوضين، خرج به السلف "القرض" فإن المقترض يرد ما أخذه كما هو.
الحنابلة - قالوا: السلم عقد على شيء يصح بيعه موصوف في الذمة إلى أجل. والذمة هي وصف يصير به المكلف أهلاً للإلزام والالتزام، وهو معنى عام عند غيرهم وقد تقدم. ويصح بلفظ البيع كأن يقول: ابتعت منك قمحاً صفته كذا، وكيله كذا، أقبضه بعد شهر مثلاً، كما يصح بلفظ سلم وسلف. بل يصح بكل ما يصح به البيع، كتملكت واتهبت ونحوه

<<  <  ج: ص:  >  >>