للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مباحث الحجر]

الحجر معناه في اللغة: المنع، يقال: حجر عليه حجراً من باب قتل منعه من التصرف، وهو بفتح الحاء وكسرها، ولذا سمي الحكيم حجراً لأنه منع من الكعبة وقطع منها، وسمي العقل حجراً لأنه يحجر صاحبه ويمنعه من فعل القبيح، قال تعالى: {هل في ذلك قسم لذي حجر} أي لذي عقل.

وأما معنا في الشرع، فإن فيه تفصيلاً في المذاهب (١) .


(١) الحنفية - قالوا: الحجر: هو عبارة عن منع مخصوص، متعلق بشخص، عن تصرف مخصوص، أو عن نفاذ ذلك التصرف، فالحجر منع للصغير والمجنون ونحوهما عن التصرف في القول رأساً إن كان ضرراً محضاً، فإذا طلق الصبي زوجه أو أعتق عبده فإن قوله هذا لا ينعقد أصلاً لأنه ضرر محض فلا ينعقد من أصله، ومثله المجنون.
أما إن كان نفعاً محضاً كما إذا وهبه أحد مالاً فقال: قبلت ونحو ذلك مما فيه منفعة محققة له فإن قوله ينعقد صحيحاً نافذاً ولا يتوقف على إذن الولي، فإن كان قوله يحتمل النفع والضرر كبعت واشتريت ونحوهما، فإن كان يعقل معنى البيع والشراء بحيث يدرك أن السلعة يقابلها الثمن، فلا يمكن أن يأخذ السلعة ولا يدفع ثمنها انعقد بيعه وشراؤه موقوفاً على إجازة الولي فللولي أن يجيزه بشرك أن لا يكون فيه غبن فاحش وقد تقدم بيانه. أما إن كان الصبي لا يعقل أصلاً فإن تصرفه في ذلك لا ينعقد من أصله.
أما الحجر في الأفعال فإن الصغر والجنون لا يوجبه، فإذا كان الطفل نائماً فانقلب على زجاجة وكسرها فعليه ضمانها، فإن كان له مال يؤخذ ثمنها من ماله.
وكذلك المجنون إذا أتلف شيئاً فإنه يكون مسؤولاً عنه، إذا كان الفعل متعلقاً بحكم يدرأ بالشبهة كالحدود والقصاص، فإن عدم القصد في الصبي والمجنون يرفع عنهما العقوبة، فإذا زنى الصبي أو قتل فإنه لا يحد، لأن النية مفقودة كما سيأتي، وقد يفسر الحجر بمعنى عدم ثبوت حكم التصرف، وعلى هذا فيكون الصبي والمجنون محجوراً عليهما بالنسبة لذلك، فليس محجوراً عليهما بالنسبة لفعل الزنا والقتل ونحوهما من كل ما يوجب الحد. لأن الفعل لا يمكن منعهما منه خصوصاً بعد وقوعه وإنما هما محجور عليهما بمعنى أن حكم عملهما هذا معدوم فلا يترتب على عملهما حد وعقوبة.
المالكية - قالوا: الحجر: صفة حكمية "يحكم بها الشرع" توجب منع موصوفها من نفوذ تصرفه فيما زاد على قوته، كما يوجب منعه من نفوذ تصرفه في تبرعه بزائد على ثلث ماله. فدخل بالأول:

<<  <  ج: ص:  >  >>