للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه سكينة هى ما يعرفون من الآيات فيسكنوا إِليها. وقال قتادة والكلبى: هى من السّكون، أَى الطمأنينة من ربّكم. ففى أَىّ مكان كان التَّابوت اطمأَنوا إِليه وسكنوا. قال: وفيها ثلاثة أَشياء: للأَنبياء معجزة، ولملوكهم كرامة، وهى آية النُّصرة، تخلع قلوب الأَعداءِ بصوتها رُعْبًا إِذا التقى الصّفَّان للقتال.

وكرامات الأَولياءِ هى من معجزات الأَنبياءِ؛ لأَنهم إِنَّما نالوها على أَيديهم وبسبب اتّباعهم، فهى لهم كرامات، وللأَنبياءِ دلالات معجزات. فكرامات الأَولياءِ لا تعارض معجزات الأَنبياءِ، حتَّى يطلب الفُرقان بينهما، لأَنَّها من أَدلَّتهم وشواهد صدْقهم، ثمّ الفُرقان بين ما للأَنبياءِ وما للأَولياءِ من وجوه كثيرة ليس هذا موضع ذكرها.

واعلم أَنَّ السكينة الَّتى تنطِق على لسان المحدَّثين ليست هى شيئا يُملك، إِنما هى شىء من لطائف صنع الله تُلقِى على لسان المحدّث الحكمة؛ كما يُلقِى الملك الوحىَ على قلوب الأَنبياءِ، ويُنطق المحدّثين بنُكَت الحقائق مع ترويح الأَسرار وكشف الشُّبَه. والسّكينة إِذا نزلت فى القلب اطمأَنَّ بها، وسكنت إِليها الجوارح، وخشعت، واكتستِ الوقار، وأَنطقت اللسان بالصّواب والحكمة، وحالت بينه وبين قول الخَنَى والفُحش واللَّغو والهُجْر وكلّ باطل. وقال ابن عبّاس رضى الله عنهما: كنَّا نتحدّث

<<  <  ج: ص:  >  >>