للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصلٌ (١)

مشابهتهم فيما ليس من شرعنا قسمان:

أحدهما: مع العلم بأن هذا العمل هو من خصائص دينهم، فهذا إما أن يُفْعَل بمجرَّد موافقتهم وهو قليل، وإما لشهوة، تتعلَّق بذلك العمل، وإما لشبهةٍ فيه تُخَيِّل أنه نافع في الدنيا أو في الآخرة، وكلُّ هذا لا شكَّ في تحريمه، لكن يبلغ التحريم في بعضه إلى أن يكون من الكبائر، وقد يصير كفرًا بحسب الأدلة الشرعية.

وإما عَمَلٌ لم يعلم الفاعلُ أنه من عملهم، فهو نوعان:

أحدهما: ما كان في الأصل مأخوذًا عنهم؛ إما على الوجه الذي يفعلونه، وإما مع نوع تغيير الزمان أو المكان أو الفعل ونحو ذلك، فهذا غالب ما يُبتلى به العامة، في مثل ما يصنعونه في الخميس "الحقير" والميلاد ونحوهما، فإنهم قد نشأوا على اعتياد ذلك، وتلقَّاه الأبناءُ عن الآباءِ وأكثرهم لا يعلمون مبدأ ذلك، فهذا يُعرَّف صاحبه حكمه، فإن لم ينته وإلا صار من القسم الأول.

النوع الثاني: ما ليس في الأصل مأخوذًا عنهم؛ لكونهم يفعلونه أيضًا، فهذا ليس فيه محذور المشابهة، ولكن قد تفوت فيه منفعة المخالفة، فتتوقف کراهةُ ذلك وتحريمه على دليل شرعي وراء كونه [من] (٢) مشابهتهم، إذ ليس كوننا تشبَّهنا بهم بأولي من كونهم تشبَّهوا بنا.


(١) "الاقتضاء": (١/ ٥٥٢).
(٢) زيادة لا بد منها من "الاقتضاء".

<<  <   >  >>