للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعفوِ اللهِ، لاجتهاد صاحبها أو تقليده، وهذا ثابت في كل ما يُذْكر في بعض البدع المذكورة من الفائدة.

لكن هذا القدَر لا يمنع کراهَتَها والنهي عنها والاعتياض عنها بالمشروع الذي لا بدعةَ فيه، كما أن الذين زادوا الأذان في العيدين هم كذلك، بل اليهود والنصارى يجدون في عباداتهم فوائد، وذلك أنه لا بدَّ أن تشتمل عباداتُهم على نوعٍ ما مشروع في جنسه، كما أن أقوالهم لا بُدَّ أن تشتمل على صدقٍ ما مأثًورٍ عن الأنبياء، ثم مع ذلك لا يوجب ذلك أن نَفْعَل عباداتهم أو نروي كلماتِهم؛ لأن جميع المبتدعات لا بدَّ أن تشتمل على شرٍّ راجحٍ على ما فيها من الخير، إذ لو كان خيرها راجحًا لما أهملها الشارع، فنحن نستدلُّ بكونها بدعة على أن إثمها أكبر من نفعها، وذلك هو الموجِبُ للنَّهي.

وأقول: إن إثمها قد يزول عن بعض الأشخاص لمعارض الاجتهاد أو غيره، كما يزول أثم النبيذ والربا المُخْتَلَف فيهما (١) عن المجتهدين من السلف، ثم مع ذلك يجب بيان حالها، وأن لا يُقْتَدَي بمن استحلَّها، وأن لا يقصَّر في طلب العلم المبيِّن لحقيقتها، وهذا كافٍ في بيان أن هذه البدعة مشتملة على مفاسد اعتقادية أو حالية، مناقضة لما جاء به الرسول، وما فيها من المنفعة مرجوح لا يصلح للمعارضة.

ثم نقول على سبيل التفصيل: إذا فَعَلها قومٌ ذوو فضلٍ، فقد ترکها في زمانهم معتقدًا كراهتها، أو (٢) أنكرها قومٌ، إن لم يكونوا هم أفضل


(١) في "الأصل": "فيها".
(٢) في "الاقتضاء": "و".

<<  <   >  >>