للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأبداد (١) من أهل الهند، وربما قِيْست على ما شرعه الله من حجِّ بيته والحجر الأسود.

وإنما عُبِدت الشمس والقمر بالمقاييس، وبمثل هذه الشبهات حدث الشركُ في أهل الأرض.

وقد صحَّ أنه نهى عن النذر وقال: "إنَّه لا يَأتي بِخَيْرٍ" (٢) ، فإذا كان النذر الذي هو طاعة لا يأتي بخير؛ فما الظنُّ بالنذر الذي هو معصية، بأن يكون لشيءٍ من هذه الأمكنة مما لا ينفع ولا يضر؟!

وأما إجابة الدعاء؛ فقد يكون سببه اضطرار الداعي وصدقه، وقد يكون مجرد رحمة الله له، وقد يكون أمرًا قضاه الله، لا لأجلِ دعائه، وقد يكون له أسبابٌ أُخَر، وإن كانت فتنةً في حقِّ الداعي، فإنا نعلم أن الكفار قد يُسْتجابُ لهم، فيُسْقون ويُنصرون ويُعافون مع دعائهم عند أوثانهم وتوسُّلهم بها، وقال تعالى: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (٢٠) } [الإسراء: ٢٠]، وقال: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦) } [الجن: ٦].

وأسبابُ المقدورات فيها أمور يطول شرحُها، ليس هذا موضُعها، وإنما على الخلق اتباع ما بعثَ الله به المرسلين، والعلم بأنَّ فيه خير الدنيا والآخرة، ولعلِّي إن شاء الله أبين أسباب هذه التأثيرات في موضعٍ آخر (٣) .

هذا هو النوع الأول من الأمكنة.


(١) جمع "بُدّ"، وهو الصنم أو بيته.
(٢) أخرجه البخاري رقم (٦٦٩٢، ٦٦٩٣، ٦٦٩٤)، ومسلم رقم (١٦٣٩، ١٦٤٠) من حديث أبي هريرة وابن عمر -رضي الله عنهم-.
(٣) انظر: "مجموع الفتاوي": (١/ ٣٥٩ - ٣٦٤)، (١١/ ٦٤١ - ٦٤٤) وغيرها.

<<  <   >  >>