للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا كان قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- -مع أنه أفضل قبر على وجه الأرض- قد نُهي عن اتخاذه عيدًا، فقبر غيره أولى بالنهي، مع كونه قَرَن ذلك بقوله: "لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكم قُبُوْرًا" أي: لا تعطِّلوها من الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحرِّي العبادة في البيوت، ونهى عن تحرِّيها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبَّه بهم.

وفي "الصحيحين" (١) قال: "اجْعَلوا من صلاتِكُم في بُيُوتكم ولا تتَّخِذُوها قُبُورًا"، وقال -أيضًا-: "فإنَّ صلاتَكُم تَبْلُغني" (٢) يشير إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قُربكم من قبري وبُعدكم، فلا حاجةَ بكم إلى اتخاذه عيدًا.

والأحاديث بأن صلاتنا تُعْرَض عليه كثيرة مشهورة صحيحة (٣).

مع كون أفضل التابعين [من أهل بيته] (٤) علي بن الحسين رأى ذلك الرجلَ يدعو عند قبره فنهاه، وروى له حديث: "لا تتَّخِذُوا قَبْري عِيْدًا" (٥) فعلم أنَّ قَصدَه للدعاء ونحوه اتخاذٌ له عيدًا، وهو أعلم بمعني الحديث من غيره.


(١) أخرجه البخاري رقم (٤٣٢)، ومسلم رقم (٧٧) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
(٢) تقدم ص/١٦٠.
(٣) انظر "النهج السديد" رقم (٢٢٩، ٢٣٢، ٢٣٣، ٢٣٤).
(٤) زيادة من "الاقتضاء".
(٥) رواه إسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي": رقم (٢٠)، والضياء في "المختارة"، وأبو يعلى: (١/ ٢٤٥)، وابن أبي شيبة في "مسنده" -كما في "المطالب ٢/ ٧٠"- وفي "المصنَّف": (٢/ ٣٧٥).
وصححه الضياء، وحسنه السخاوي.

<<  <   >  >>