للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الأدعية ونحوها، وإن كان قد يحصل لصاحبها أحيانًا غرضُه؛ لكنها محرمة لما فيها من الفساد الذي يُرْبي على منفعتها، كما تقدم، ولهذا كانت هذه فتنة في حق من لم يهده الله ويُنوِّر قلبَه، ويفرِّق بين أمر التكوين وأمر التشريع، ويفرِّق بين القدر والشرع، ويعلم أن الأقسام ثلاثة:

* أمور قدَّرها الله ولا يُحِبُّها، فإن الأسباب المحصلة لهذه تكون محرمة موجبة لعقابه.

* وأمور شرعها الله، وهو يُحبها ويرضاها من العبد، لكن لم يُعِنْه على حصولها، فهذه محمودة عنده مرضِيَّة وإن لم توجد.

* والقسم الثالث: أن يُعِيْنَ العبدَ على ما يُحبه منه.

فالأول: إعانة الله. والثاني: عبادة الله. والثالث: جمع له بين العبادة والإعانة، كما قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة: ٥].

فما كان من الدعاء غير المباح إذا أثَّر فهو من باب الإعانة لا العبادة، كسائر الكفار والمنافقين والفسَّاق، ولهذا قال في مريم: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} [التحريم: ١٢]. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ بكلمات الله التامات التي لا يُجَاوِزُها بَرٌّ ولا فاجِر (١).

ومن سنة (٢) الله أن الدعاءَ المتضمِّنَ شركًا، كدعاء غيره لا يحصل


(١) سيأتي ص/ ١٩٤.
(٢) كذا بالأصل، وفي "الاقتضاء": "ومن رحمة".

<<  <   >  >>