للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسألك وأتوَجَّهُ إليكَ بِنَبِيِّكَ محمدٍ نبيِّ الرحمةِ، يا محمدُ يا نبيّ اللهِ إنِّي أتوجَّهُ بِكَ إلى رَبِّكّ في حاجَتيِ لِتَقْضِيَها، اللهم فَشَفِّعْهُ فِيَّ" (١) فدعا الله، فردَّ عليه بصَرَه.

والجواب عن هذا أن يُقال:

أولًا: لا ريب أنَّ الله تعالى جعل على نفسه حقًّا لعباده المؤمنين، كما قال: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)} [الروم: ٤٧]، {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ٥٤]. وفي "الصحيحين" (٢) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جَبَل -وهو رديفه-: "يا معاذُ أتَدْرِي ما حقُّ الله على عباده قلتُ: اللهُ ورسولهُ أعلم. قال: "حَقُّهُ عليهم أنْ يَعْبُدوه ولا يُشْرِكوا بهِ شَيْئًا، أتَدْرِي ما حَقُّ العِبادِ على اللهِ إذا فَعَلوا ذَلِكَ؟ " قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلم. قال: "حَقُّهَم عليه أنْ لا يُعَذِّبَهُم". فهذا حقٌّ وجبَ بكلماته التامة ووعده الصادق.

واتفق العلماء على وجوب ما يجب بوعده الصادق، وتنازعوا: هل يوجب بنفسه على نفسه؟ على قولين.

وأما الإيجاب عليه بالقياس على خلقِه، فهذا قول القدريَّة، وهو


(١) أخرجه أحمد: (٢٨/ ٤٧٨ رقم ١٧٢٤٠)، والترمذي رقم (٣٥٧٨)، والنسائي في "الكبرى": رقم (١٠٤٩٥)، وابن ماجه رقم (١٣٨٥) من حديث عثمان بن حنيف -رضي الله عنه-.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب" وصححه الحاكم وابن خزيمة وغيرهم.
(٢) أخرجه البخاري رقم (٥٩٦٧)، ومسلم رقم (٣٠) من حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>