للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذُكِرَ أن بعض النصارى حاصروا المسلمين فنفدَ ماؤُهم، فاستسقوا من المسلمين وقالوا: ننصرف عنكم، فلم يُسْقوهم، فرفعوا أيديهم وسألوا الله؛ فأمطرت عليهم، فكاد بعض المسلمين أن يَفْتَيِن، فقام فيهم رجلٌ من المسلمين وقال: "اللهم إنَّك تكفَّلت برزق كلِّ دابِّةٍ، وقد أجبتَ دعاءَ هولاء الكفار، لأنهم مضطرون لا لأنك تحبهم فنريد أن ترينا بهم آيةً تُثبِّت الإيمانَ في قلوب عبادك"، فأرسلَ اللهُ عليهم ريحًا فأهلكتهم، أو نحو ذلك.

ومن هذا: من يدعو دعاءً يعتدي فيه، فيُجاب، فما كلُّ من دعا فأُجِيْب يكون ذلك دليلًا على أن عملَه صالح، بل ذلك بمنزلة من يمدهم بالمال والبنين، فلا يُظَنُّ أنه يُسارع لهم في الخيرات، بل لا يشعرون، قال تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٧٨)} [آل عمران: ١٧٨].

والمقصود: أن دعاء الله قد يكون دعاء عبادةٍ يُثاب العبدُ عليه في الآخرة، وقد يكون دعاء مسألة تُقضي به حاجته، ثم قد يُثاب وقد لا تحصل له إلا تلك الحاجة، وقد تكون سببًا لضرر دينه.

فالوسيلة التي أمر اللهُ بها تعُمُّ الوسيلة في عبادته وفي مسألتهِ، فالتوسل بالأعمال الصالحة وبدعاء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم ليس من باب الإقسام بمخلوق.

وكذلك استشفاع الناس بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، كما كانوا في الدنيا يطلبون منه أن يدعو لهم.

* وقول عمر: "اللهمَّ إنَّا كنا نتوسَّلُ إليكَ بنبيِّنا فتسقينا وإنَّا نتوسُّل

<<  <   >  >>