للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما في زمان مطلق فلا جاهلية بعد مبعثه -صلى الله عليه وسلم-، فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين (١) على الحقِّ إلى قيام الساعة.

والجاهلية المقيَّدة قد تقوم في بعض ديار المسلمين وفي كثير من الأشخاص المسلمين. كما قال: "أربعٌ في أُمَّتي مِنْ أَمْرِ الجاهِلية" (٢) ، وقال لأبي ذرٍّ: "إنَّك امرؤٌ فيك جاهلية" (٣) .

فالرجلُ مع فضله وعلمه قد يكون فيه بعض الخِصال المسمَّاة: بجاهلية ويهودية ونصرانية، ولا يوجب ذلك كفره ولا فِسْقه.

وكذا قوله: "خَصْلَتان هما بهم كُفْر ... " (٤) ، فنفس الخصلتين كُفْر حيث كانتا من أعمال الكفَّار، وهما قائمتان بالناس، وليس كلُّ من قام به شُعْبة من شعب الكفر يصير كافرًا الكفر المطلق، كما أنه ليس كلُّ من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير مؤمنًا، حتى يقوم به أصلُ الإيمان.

وفَرْقٌ بين الكفر المعرَّف باللام وبين المنكَّر، في الإثبات، وفَرْقٌ بين معنى الاسم المطلق إذا قيل: كافر، أو مؤمن، وبَيْن المعنى المطلق للاسم في جميع موارده، كما قال: "لا تَرْجِعُوا بعدِي كفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكم رِقَابَ بعضٍ" (٥) ، فقوله: "يضرب بعضكم رقابَ بعض" هو تفسير لقوله: ["كفارًا"، وهؤلاء] (٦) يُسَمّون كُفَّارًا تسميةً مُقيَّدة، ولا


(١) بالأصل: "ظاهرون"، والتصويب من "الاقتضاء".
(٢) تقدم ص/ ٤٤.
(٣) تقدم ص/ ٤٥
(٤) أخرجه مسلم رقم (٦٧) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٥) أخرجه البخاري رقم (١٢١)، ومسلم رقم (٦٥) من حديث جرير البجلي -رضي الله عنه-.
(٦) لم يظهر في الأصل، والإكمال بنحوه من "الاقتضاء": (١/ ٢٣٨).

<<  <   >  >>