للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن وفود العرب ستقدم عليكم (٥٨) وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فاجمعوا فيه رأياً واحداً، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاً، ويرد قول بعضكم بعضا، فقالوا: فأنت يا (أبا) «١» عبد شمس فقل وأقم لنا رأياً نقوم به، فقال: بل أنتم؛ قولوا أسمع، فقالوا: نقول: كاهن، فقال: ما هو بكاهن، لقد رأيت الكهان فما هو بزمزمة الكاهن وسجعه فقالوا: نقول مجنون، فقال:

ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه، فما هو تخنقه، ولا تخالجه، ولا وسوسته، فقالوا: نقول: شاعر، فقال ما هو بشاعر قد عرفنا «٢» الشعر برجزه «٣» وقريضه، ومقبوضه، ومبسوطه، فما هو بالشعر، قالوا: فنقول:

ساحر، قال: ما هو بساحر، قد رأينا السحار وسحرهم، ما هو بنفثه ولا عقده، قالوا: فما نقول [يا أبا عبد «٤» ] شمس؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة، إن أصله لغدق، وإن فرعه لجناً، فما أنتم بقائلين من هذا «٥» شيئاً إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول لأن تقولوا: ساحر، فقولوا ساحر يفرق بين المرء وبين أبيه، وبين المرء وبين أخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك، فجعلوا يجلسون يسألون الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه، وذكروا لهم أمره، فانزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة، وفي ذلك من قوله: «ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً» إلى قوله: «سَأُصْلِيهِ سَقَرَ» ، «٦» وأنزل الله عز وجل في النفر الذين كانوا معه يصنفون «٧» له القول في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما جاء به من عند الله


(١) زيد ما بين الحاصرتين من ابن هشام، الروض: ٢/ ١١.
(٢) في ع: وعرفنا.
(٣) كتب في الحاشية «هزجه» ولم توضع أية اشارة لا دخالها في النص، هذا وجاء في ابن هشام، الروض: ٢/ ١١ «برجزه وهزجه وقريضه» .
(٤) زيد ما بين الحاصرتين من ابن هشام، الروض: ٢/ ١٢، ذلك أن مكانه جاء مطموسا في الأصل، وفراغا في ع.
(٥) في ع: هنا.
(٦) سورة المدثر: ١١- ٢٦.
(٧) في ع: يصنعون.

<<  <   >  >>