للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

برب هذا البيت على القاطع المنتهك للمحارم، والله لتنتهن عن الذين تريدون، أو لينزلن الله بكم في قطيعتنا بعض الذي تكرهون، فأجابوه إنكم يا بني عبد المطلب لا صلح بيننا وبينكم ولا رحم إلا على قتل هذا الصبي السفيه.

ثم عمد أبو طالب فأدخل الشعب إبن أخيه وبني أبيه ومن اتبعهم من بين مؤمن، دخل لنصرة الله، ونصره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بين مشرك يحمي، فدخلوا شعبهم، وهو شعب في ناحية من مكة، فلما قدم عمرو- عمرو بن العاصي- وعبد الله بن أبي ربيعة إلى قريش «١» وأخبروهم بالذي قال النجاشي لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، اشتد وجدهم، وآذوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أذى شديداً وضربوهم في كل طريق وحصروهم في شعبهم وقطعوا عنهم المادة من الأسواق، فلم يدعوا أحدا من الناس يدخل عليهم طعاماً ولا شيئاً مما يرفق بهم، وكانوا يخرجون من الشعب إلى الموسم، وكانت قريش تبادرهم إلى الأسواق فيشترونها ويغلونها عليهم، ونادى منادي الوليد بن المغيرة في قريش: أيما رجل وجدتموه عند طعام يشتريه فزيدوا عليه.

نا يونس عن عيسى بن عبد الله التميمي عن الربيع بن أنس قال: نزلت في الوليد بن المغيرة: «عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ» «٢» قال: فاحش مع ذلك لئيم.

نا أحمد: نا يونس عن إبن إسحق في حديثه عن الوليد: فمن رأيتموه عند طعام يشتريه فزيدوا عليه، وحولوا بينهم وبينه [٦٤] ومن لم يكن عنده نقد فليشتر «٣» وعلي النقد، ففعلوا ذلك ثلاث سنين حتى بلغ القوم الجهد الشديد، وحتى سمعوا أصوات صبيانهم يتضاغون من وراء الشعب، وكان المشركون يكرهون ما فيه بنو هاشم من البلاء، حتى كره عامة قريش ما أصاب بني هاشم، وأظهروا لكراهيتهم لصحيفتهم القاطعة الظالمة الذي تعاهدوا فيها على


(١) سيأتي خبر الهجرة إلى الحبشة وما صنعته قريش تجاه ذلك بعد قليل.
(٢) سورة القلم: ١٣.
(٣) سقطت الواو من ع.

<<  <   >  >>