للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ذنب من يدعو إلى البر والتقى ... ولم يستطع أن يا رب الشعب يأرب

وقد جربوا فيما مضى غب أمرهم ... وما عالم أمراً كمن لم يجرب

وقد كان في أمر الصحيفة عبرة ... متى ما يخبر غائب القوم يعجب

محى الله منها كفرهم وعقوقهم ... وما نقموا من باطل الحق معرب

فأصبح ما قالوا من الأمر باطلاً ... ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب

وأمسى ابن عبد الله فينا مصدقاً ... على سخط من قومنا غير معتب

فلا تحسبوا يا مسلمين محمداً ... لذي عربة منا ولا متغرب

ستمنعه منا يد هاشمية ... مركبها في الناس خير مركب

فلما باداهم أبو طالب بالعداوة، وباداهم بالحرب، عدت قريش على من أسلم منهم فأوثقوه وآذوه واشتد البلاء عليهم، وعظمت الفتنة فيهم، وزلزلوا زلزالاً شديداً. وعدت بنو جمح على عثمان بن مظعون، وفر أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم إلى أبي طالب ليمنعه، وكان خاله فجاءت بنو مخزوم ليأخذوه، فمنعهم، فقالوا: يا أبا طالب منعتنا ابن أخيك، أتمنع منا ابن أخينا؟! فقال أبو طالب: أمنع ابن اختي مما أمنع ابن أخي، فقال أبو لهب- ولم يتكلم بكلام خير قط، ليس يومئذ-: صدق أبو طالب لا يسلمه إليكم، فطمع فيه أبو طالب حين سمع منه ما سمع، ورجا نصره والقيام معه، فقال شعراً استجلبه بذلك [٦٨] :

وإن امرءاً أبو عتيبة عمه ... لفي روضة من أن يسام المظالما

أقول له وأين مني نصيحتي «١» ... أبا معتب ثبت سوادك قائماً

ولا تقبلن الدهر ما عشت خطة ... تسب بها لما «٢» هبطت المواسما

وحارب فإن الحرب نصف ولن ترى ... أخا الحرب يعطي الضيم إلا مسالما


(١) في ع: متى.
(٢) في حاشية الأصل: أيما، وفي ابن هشام- الروص: ٢/ ١٢١ «إما» .

<<  <   >  >>