للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيطان بتيك «١» الآيتين كل مشرك وذلت بها ألسنتهم، وكبر ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتاه جبريل عليه السلام، فشكا إليه هاتين الآيتين وما لقي من الناس فيهما، فتبرأ جبريل عليه السلام منهما وقال: لقد تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله عز وجل، وقلت ما لم يقل لك، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً، وخاف، فأنزل الله عز وجل تعزية له: «٢» «وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ» إلى قوله «عَلِيمٌ حَكِيمٌ» «٣» .

نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: فلما بلغ من بالحبشة من المسلمين سجود أهل مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبلوا، أو من شاء الله عز وجل منهم، وهم يرون أنهم قد تابعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم [٧٧] فلما دنوا من مكة بلغهم الأمر فثقل عليهم أن يرجعوا إلى أرض الحبشة، وتخوفوا أن يدخلوا مكة بغير جوار، فمكثوا على ذلك حتى دخل كل رجل منهم بجوار من بعض أهل مكة، وقدم عثمان بن مظعون بجوار من الوليد بن المغيرة، وأبو سلمة بن عبد الأسد بجوار من أبي طالب، وكان خاله، وأم أبي سلمة برة بنت عبد المطلب.

فأما عثمان بن مظعون فكان من خبره أن يونس بن بكير: نا عن محمد بن إسحق قال: فحدثني صالح عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عمن حدثه قال: لما رأى عثمان ما يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الأذى، وهو يغدو ويروح بأمان الوليد بن المغيرة قال عثمان: والله إن غدوي ورواحي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل بيتي يلقون من البلاء والأذى في الله عز وجل ما لا يصيبني لنقص كثير في نفسي، فمشى إلى الوليد بن المغيرة وهو


(١) في ع: تلك.
(٢) سقطت «تعزية له» من ع.
(٣) سورة الحج: ٥٢.

<<  <   >  >>