للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأوصى منيع بجميع ماله وما يملكه لخاله أسد الدولة أبي ذؤابة عطية الذي كان يحاربه. وكان إقطاعه يرتفع منه كل سنة ثمانون ألف دينار، وكان له في حصن يقال له المجدد، ثلاثمائة ألف دينار، وسلاح وآلة بمال عظيم.

وكان أبو الحسن علي بن محمد بن عيسى العمري الحلبي وزير منيع، وكان عطية قد دعاه إلى خدمته فامتنع، فلما مات منيع عاد أبو الحسن العمري إلى حلب فقبض عليه عطية، وقتله لحقده على ما فعله من امتناعه من خدمته.

ولعله احتج بأنه حمل منيعاً على حصار حلب مع محمود، وبعد أن قتله صلبه، ورثاه أبو محمد الخفاجي بأبياته التي يقول فيها:

ومعذل جار على غلوائه ... يروى حديث نداه عن أعدائه

واستوزر عطية أبا الحسن علي بن يوسف بن أبي الثريا الذي داره الآن مدرسة ابن أبي عصرون بحلب. ثم صالح عطية بن مرداس ابن أخيه محموداً، على أن يدفع لمحمود إقطاعاً بخمسة وعشرين آلف دينار، من ذلك: سرمين وباقي الإقطاع في بلد حلب من الأرتيق، وتحالفاً على ذلك وتمماه.

وفي نصف جمادى الأولى سنة ست وخمسين وأربعمائة، سلم ثابت بن معز الدولة إلى ابن عمه محمود معرة النعمان وكفرطاب وحماة، وكان فيها من قبل عمه. وذلك أن بني كلاب تجمعوا بأرض شيزر: شبل بن جامع بن زائدة، ومحمود ابن زائدة، ومنصور بن محمد بن زغيب، وحسين بن كامل بن حسين بن سليمان بن الدوح، وجماعة معهم من سبيعة وذؤيبة، وأجمع رأيهم على الوثوب على بلدان أسد الدولة عطية.

فأخذوا حماة وكفرطاب، وأتوا إلى معرة النعمان وفيها شهم الدولة خليفة بن جبهان، فأخذ منهم أماناً وسلمها، وساروا حتى نزلوا قريباً من

حلب، فسار عطية من حلب يكبس محموداً، وكان بمالد، فظفر به محمود، وعاد عطية منهزماً إلى حلب. ونزل محمود ببني كلاب على حلب، ومنعوا منها الميرة، وحصروها، وقاتلوها قتالاً كثيراً، وأشرفت على أمر عظيم من الجوع وقلة ما يدخلها. وكان أسد الدولة عطية قد أرزق أحداثها، فمنعوا باقي أهلها من التسليم.

<<  <   >  >>