للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القلعة، من جهة القبلة نقباً، ومن جهة الشمال آخر. فانهد السور على من تحته، وهو موضع البغلة، التي جددها السلطان الملك الظاهر قدس الله روحه.

وامتنع القتال من تلك الناحية، خوفاً من وقوع شيء آخر. فأخرج المسلمون رجلاً من عندهم إلى طمان، يطلب الأمان من الملك الصالح والنجدة، فسير إلى الملك الصالح، وأعلمه.

فانتخب الملك الصالح رجالاً أجلاداً من الحلبيين، وأعطاهم مالاً جزيلاً، وقال لهم: أريد منكم أن تدخلوا قلعة حارم، فجاءوا، والفرنج محدقون بها، في الليل، فسلكوا خيامهم مفرقين، حتى جاوزوها. وصاحوا بالتكبير والتهليل، وصعدوا القلعة، وصار فيها شوكة من المقاتلة، بعد أن كان قتل من المسلمين بها رجال عدة. والمسلمون أعني عسكر حلب إذ ذاك حول الفرنج جرايد، وأثقالهم بدير سمعان، وهم يتخطفون من يمكنهم أخذه من الفرنج ويحفظون أطراف البلد. وسار العسكر عند ذاك إلى دير أطمة، وصادفوا الفرنج في وطأة أطمة، فحملوا عليهم، فانهزموا وقتل من الفرنج، وأسر جماعة، فدام حصار الفرنج أربعة أشهر. وأرسل الملك الصالح إليهم، وقال: إن الملك الناصر واصل إلى الشام، وربما يسلم من بحارم إلى قلعتها، ويضحي في جواركم. وبذل لهم مالاً بمقدار ما أنفقوا مدة حصارهم لها. وانتظم الصلح، ورحلوا.

وخرج الملك الصالح، فنزل على حارم، فسلمها إليه أصحاب كمشتكين، وصفح عن جرمهم، وولى فيها سرخك جمدار أبيه نور الدين. ودخل حلب وطالب نواب كمشتكين بماله، واعتقل ابن التنبي وزيره، فأحضر بعض المال، وعذب حتى أحضره، ثم هرب من الاعتقال.

وفي سنة خمس وسبعين وخمسمائة، سعى جماعة بالقاضي محي الدين أبي حامد بن الشهرزوري، قاضي حلب، وقدحوا فيه عند جمال الدين شاذبخت،

<<  <   >  >>