للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إجانة الغسال. وصار بها إلى تحت الطيارة بالقلعة، وعماد الدين جالس بها يشير إليه أن يغسل فيها كالمخانيث، ونادى إليه: يا عماد الدين، نحن نقاتل بلا جامكية ولا جراية، فما حملك على أن فعلت ما فعلت.

وقيل: إن بعضهم رماه بالنشاب، فوقع في وسط الطيارة، وعمل عوام حلب أشعاراً عامية، كانوا يغنون بها، ويدقون على طبيلاتهم بها، منها:

أحباب قلبي لاتلوموني ... هذا عماد الدين مجنون

قايض بسنجار لقلعة حلب ... وزاده المولى نصيبين

ودق آخر على طبله، وقال مشيراً إلى عماد الدين:

وبعت بسنجار قلعة حلب ... عدمتك من بايع مشتري

خريت على حلب خرية ... نسخت بها خرية " الأشعري "

وصعد إليه صفي الدين رئيس البلد ووبخه على ما فعل، وهو في قلعة حلب لم يخرج منها بعد، فقال له عماد الدين: فما فات، فاستهزأ به.

وأنفذ عسكر حلب وأهلها، إلى السلطان الملك الناصر: عز الدين جورديك، وزين الدين بلك، فاستحلفوه للعسكر ولأهل البلد، في سابع عشر صفر، من سنة تسع وسبعين وخمسمائة.

وخرجت العساكر ومقدمو حلب إليه إلى، الميدان الأخضر، وخلع عليهم، وطيب قلوبهم.

ولما استقر أمر الصلح، حضر الملك الناصر صلاح الدين عند أخيه تاج الملوك، الخناقية يعوده وقال له: هذه حلب، قد أخذناها، وهي لك فقال: لو كان وأنا حي، ووالله، لقد أخذتها غالية حيث تفقد مثلي. فبكى الملك الناصر والحاضرون.

وأقام عماد الدين بالقلعة، يقضي أشغاله، وينقل أقمشته، وخزائنه،

<<  <   >  >>