للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البلاد، فوصلوا إليه. وعزم الملك العادل على استحلاف الناس لنفسه.

وسار ناصر الدين صاحب حمص طمعاً في ملك الشام، وقيل إنه إجتاز بحلب، ففرق على أحداثها مالاً، وسار إلى حمص، وجرى من تقي الدين بمصر حركات من يريد أن يستبد بالملك. وتماثل السلطان، وبلغه ذلك كله، وأركب، فرآه الناس، وفرحوا، وابتنى داراً ظاهر حران فجلس فيها حين عوفي، فسميت دار العافية. ولما عوفي رد على مظفر الدين الرها، وأعطاه سنجقا، وأحضر رسولي الموصل، وحلف لهما على ما تقرر في يوم عرفة.

وبلغه موت ابن عمه ناصر الدين، صاحب حمص، ورحل عن حران إلى حلب، وصعد قلعتها يوم الأحد، رابع عشر محرم سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وأقام بها أربعة أيام، ثم رحل إلى دمشق، فلقيه أسد الدين شيركوه، ابن صاحب حمص، فأعطاه حمص، وسار إلى دمشق.

وسير إلى الملك العادل، وطلبه إليه إلى دمشق، فخرج من حلب جريدة، ليلة السبت الرابع والعشرين، من شهر ربيع الأول من سنة اثنتين. فوصل إليه إلى دمشق، وجرت بينهما أحاديث ومراجعات استقرت على أن الملك العادل يطلع إلى مصر، ومعه الملك العزيز، ويكون أتابكه، ويسلم حلب إلى الملك الطاهر غازي، وينزل الأفضل إلى دمشق من مصر، وينزل تقي الدين أيضاً منها. وكان الذي حمله على إخراج الملك العادل من حلب أن علم الدين سليمان ابن جندر كان بينه وبين الملك الناصر صحبة قديمة، قبل الملك، ومعاشرة، وانبساط. وكان الملك العادل وهو بحلب لا يوفيه ما يجب له، ويقدم عليه غيره. فلما عوفي الملك الناصر سايره يوماً سليمان، وجرى حديث مرضه، وكان قد أوصى لكل واحد من أولاده بشيء من البلاد، فقال له سليمان بن جندر: بأي

<<  <   >  >>