للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالكندهري، وزوجوه بنت ملكهم القديم، التي قد استقر عندهم أن يجعلوها على كل من ملكوه.

وسار السلطان من القدس إلى بيروت في شوال، ووصل إلى خدمته صاحب أنطاكية الابرنس وولده قومص طرابلس خلع عليهم، وجدد بينه وبينهما الهدنة والعقد.

وفي سادس عشري ذي القعدة، دخل إلى دمشق، بعد مدة تقارب أربع سنين. وكان الملك الظاهر قد ودعه من القدس، ورحل إلى حلب في شهر رمضان. وأخبرني القاضي بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم: أنه ودعه، ثم سير إليه، واستأذنه في مراجعته في أشياء فأدخله عليه وكنت، حاضراً ثم قال للملك الظاهر: أوصيك بتقوى الله فإنها رأس كل خير: وأمرك بما أمرك الله به، فإنه سبب نجاتك. وأحذرك من الدماء والدخول فيها والتقلد لها، فإن الدم لا ينام. وأوصيك بحفظ قلوب الرعية، والنظر في أحوالهم، فأنت أميني وأمين الله عليهم. وأوصيك بحفظ قلوب الأمراء، وأرباب الدولة والأكابر. فما بلغت ما بلغت إلا بمداراة الناس. ولا تحقد على أحد، فإن الموت لا يبقي على أحد، واحذر ما بينك وبين الناس، فإنه لا يغفر إلا برضاهم، وما بينك وبين الله يغفره بتوبتك إليه، فإنه كريم وفي شهر ذي القعدة، سلم إلى الملك المنصور ما كان لأبيه بالشام، وهو منبج، وحماة، وسلمية، ومعرة النعمان وانقضت سنة ثمان وثمانين.

والهدنة مع الفرنج مستمرة، والملك الناصر بدمشق، والملك الظاهر بحلب، والملك العزيز بمصر، والملك الأفضل، وهو أكبر ولد السلطان، معه بدمشق.

فمرض السلطان، في اليوم الخامس عشر، من صفر، بحمى حادة، واختلط ذهنه في السابع، وحبس كلامه، وانجذبت مادة المرض إلى دماغه. وتوفي رحمه الله في الثالث عشر من مرضه، في وقت الفجر، من يوم الأربعاء، السابع والعشرين من صفر، في سنة تسع وثمانين وخمسمائة.

<<  <   >  >>