للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه إلى بني سعد بن بكر بفدك]

وهي قرية بينها وبين المدينة ست ليال، أي وفي لفظ: ثلاث مراحل، وهي خراب الآن. وفي الصحاح: فدك قرية بخيبر.

وسببها أنه صلى الله عليه وسلم بلغه أن لبني سعد جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر، وأن يجعلوا لهم تمر خيبر: أي ما يوجد من غلتها، فبعث إليهم عليا كرّم الله وجهه في مائة رجل، فسار الليل وكمن النهار إلى أن نزلوا محلا بين خيبر وفدك، فوجدوا به رجلا فسألوه عن القوم؟ أي فقال: لا علم لي، فشدوا عليه، فأقر أنه عين: أي جاسوس لهم، وقال: أخبركم على أن تؤمنوني؟ فأمنوه، فدلهم، فأغاروا عليهم وأخذوا خمسمائة بعير وألفي شاة، وهربت بنو سعد بالظعن، فعزل علي كرّم الله وجهه صفيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوحا: أي حلوبا قريبة عهد بنتاج تدعى الحفدة بفتح الحاء وكسر الفاء وفتح الدال المهملة لسرعة سيرها، ومنه في الدعاء: إليك نسعى ونحفد ثم عزل الخمس وقسم الباقي على أصحابه.

أقول: قوله يريدون أن يمدوا يهود خيبر، يقتضي بظاهره أن ذلك كان عند محاصرة خيبر أو عند إرادة ذلك، وفيه ما لا يخفى لما تقدم، والله أعلم.

[سرية عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه إلى أسير]

بضم الهمزة وفتح السين، ويقال أسير بن رزام اليهودي بخيبر.

لما قتل الله أبا رافع بن سلام بن أبي الحقيق عظيم يهود خيبر كما تقدم، أمروا عليهم أسير بن رزام، قال: ولما أمروه عليهم، قال لهم: إني صانع بمحمد ما لم يصنعه أصحابي، فقالوا له: وما عسيت أن تصنع؟ قال: أسير في غطفان فأجمعهم لحربه، قالوا: نعم ما رأيت، وكان ذلك قبل فتح خيبر انتهى.

فسار في غطفان وغيرهم يجمعهم لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجه إليه عبد الله بن رواحة في ثلاثة نفر سرا يسأل عن خبر أسير وغرته، فأخبر بذلك، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس لذلك، فانتدب له ثلاثون رجلا، وأمرّ عليهم عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه، وقيل عبد الله بن عتيك، فقدموا على أسير، فقالوا: نحن آمنون حتى نعرض عليك ما جئنا له. قال: نعم ولي منكم مثل ذلك، فقالوا: نعم، فقلنا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا إليك لتخرج إليه فيستعملك على خيبر ويحسن إليك فطمع في ذلك: أي واستشار يهود في

<<  <  ج: ص:  >  >>