للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمدا فإنه يمشي في الأسواق وحده، فأتاه رجل من الأعراب، وقال يعني نفسه: قد وجدت أجمع الرجال قلبا، وأشدهم بطشا، وأسرعهم عدوا، فإذا أنت فديتني خرجت إليه حتى أغتاله فإن معي خنجرا بفتح الخاء المعجمة كجناح النسر، وإني عارف بالطريق، فقال له: أنت صاحبنا، فأعطاه بعيرا ونفقة، وقال له: اطو أمرك، وخرج ليلا إلى أن قدم المدينة، ثم أقبل يسأل عن رسول الله فدل عليه، وكان صلى الله عليه وسلم في مسجد بني عبد الأشهل، فعقل راحلته وأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه صلى الله عليه وسلم، قال: إن هذا يريد غدرا، والله حائل بينه وبين ما يريد، فجاء ليجني على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجذبه أسيد بن حضير رضي الله تعالى عنه بداخلة إزاره: أي بحاشيته من داخل، فإذا بالخنجر فأخذ أسيد يخنقه خنقا شديدا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أصدقني، قال: وأنا آمن؟ قال: نعم، فأخبره بأمره فخلى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم، أي وقال: يا رسول الله ما كنت أخاف الرجال، فلما رأيتك ذهب عقلي وضعفت نفسي، ثم اطلعت على ما هممت به، فعلمت أنك على الحق، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم.

فعند ذلك بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري ومن تقدم إلى أبي سفيان بمكة. أي وذلك بعد قتل خبيب بن عدي رضي الله تعالى عنه وصلبه على الخشبة.

ومضى عمرو بن أمية رضي الله تعالى عنه يطوف بالبيت ليلا، فرآه معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما فعرفه، فأخبر قريشا بمكانه، فخافوه لأنه كان فاتكا في الجاهلية وقالوا: لم يأت عمرو بخير، واشتدّوا في طلبه.

قال: وفي رواية لما قدما مكة حبسا جمليهما ببعض الشعاب، ثم دخلا ليلا، فقال له صاحبه: يا عمرو لو طفنا بالبيت وصلينا ركعتين ثم طلبنا أبا سفيان، فقال له عمرو: إني أعرف بمكة من الفرس الأبلق، أي وإن القوم إذا تعشوا جلسوا على أفنيتهم، فقال: كلا إن شاء الله، قال عمرو: فطفنا بالبيت وصلينا، ثم خرجنا لطلب أبي سفيان، فلقيني رجل من قريش فعرفني، وقال: عمرو بن أمية فأخبر قريشا بي، فهربت أنا وصاحبي انتهى أي وصعدنا الجبل، وخرجوا في طلبنا، فدخلنا كهفا في الجبل، ولقي عمرو رجلا من قريش فقتله: أي قتل ذلك الرجل عمرو، فلما أصبحنا، غدا رجل من قريش يقود فرسا ونحن في الغار، فقلت لصاحبي: إن رآنا صاح بنا، فخرجت إليه ومعي خنجر أعددته لأبي سفيان فضربته على يده فصاح صيحة أسمع أهل مكة، فجاء الناس يشتدّون فوجدوه بآخر رمق فقالوا: من ضربك؟

قال عمرو بن أمية، وغلبه الموت فاحتملوه، فقلت لصاحبي، لما أمسينا: النجاء، فخرجنا ليلا من مكة نريد المدينة، فمررنا بالحرس الذين يحرسون خشبة خبيب بن عدي رضي الله تعالى عنه، فقال أحدهم: لولا أن عمرو بن أمية بالمدينة

<<  <  ج: ص:  >  >>