للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كسرى، وبعث معه كتابا مختوما فيه «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، أدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، أسلم تسلم، فإن أبيت فعليك إثم المجوس» أي الذين هم أتباعك. قال عبد الله بن حذافة رضي الله تعالى عنه: فأتيت إلى بابه وطلبت الإذن عليه حتى وصلت إليه، فدفعت إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرىء عليه، فأخذه ومزقه.

أي وفي رواية: «أن كسرى لما أعلم بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن بحامل الكتاب أن يدخل عليه، فلما وصل أمر كسرى أن يقبض منه الكتاب، فقال: لا، حتى أدفعه إليك كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال كسرى ادنه، فدنا فناولته الكتاب، فدعا من يقرؤه، فقرأه فإذا فيه: من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى عظيم فارس، فأغضبه حين بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وصاح ومزق الكتاب قبل أن يعلم ما فيه، وأمر بإخراج حامل ذلك الكتاب فأخرج، فلما رأى ذلك قعد على راحلته وسار، فلما ذهب عن كسرى سورة غضبه، بعث فطلب حامل الكتاب فلم يجده، فلما وصل إليه صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر قال صلى الله عليه وسلم: مزق كسرى ملكه» .

وكتب كسرى إلى بعض أمرائه باليمن له باذان: إنه بلغني أن رجلا من قريش خرج بمكة يزعم أنه نبي، فسر إليه فاستتبه، فإن تاب وإلا فابعث إليّ برأسه، يكتب إليّ هذا الكتاب: أي الذي بدأ فيه بنفسه وهو عبدي، أي وفي رواية: إن تكفيني رجلا خرج بأرضك يدعوني إلى دينه وإلا فعلت فيك كذا يتوعده، فابعث إليه برجلين جلدين فيأتياني به، فبعث باذان بكتاب كسرى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع قهرمانه، وبعث معه رجلا آخر من الفرس، وبعث معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى، فخرجا وقدما الطائف، فوجدا رجلا من قريش في أرض الطائف. فسألاه عنه، فقال: هو بالمدينة. فلما قدما عليه صلى الله عليه وسلم المدينة قالا له:

شاهنشاه ملك الملوك كسرى بعث إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتي بك، وقد بعثنا إليك فإن أبيت هلكت وأهلكت قومك وخربت بلادك، وكانا على زي الفرس من حلق لحاهم وإعفاء شواربهم، فكره صلى الله عليه وسلم النظر إليهما، ثم قال لهما:

ويلكما، من أمركما بهذا؟ قالا: أمرنا ربنا، يعنيان كسرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ولكن أمرني ربي بإعفاء لحيتي وقص شاربي، ثم قال لهما: ارجعا حتى تأتياني غدا، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بأن الله قد سلط على كسرى ابنه يقتله في شهر كذا في ليلة كذا، فلما كان الغد دعاهما وأخبرهما الخبر، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى باذان: إن الله قد وعدني أن يقتل كسرى يوم كذا من شهر كذا. فلما أتى الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>