للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره. وذكر في الدرّ في قوله تعالى وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً [فصّلت: الآية ٣٣] أنها نزلت بمكة في شأن المؤذنين، والأذان إنما شرع في المدينة، فهي مما تأخر حكمه عن نزوله هذا كلامه.

وفي كلام الحافظ ابن حجر ما يوافقه، حيث ذكر أن الحق أنه لا يصح شيء من الأحاديث الدالة على أن الأذان شرع بمكة قبل الهجرة، وذكر ما تقدم عن ابن المنذر، من أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي من غير أذان منذ فرضت الصلاة بمكة، إلى أن هاجر، صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وإلى أن وقع التشاور في ذلك: أي فقد ائتمر صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه كيف يجمع الناس للصلاة؟ فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة، فإذا رآها الناس أذن» أي أعلم «بعضهم بعضا فلم يعجبه ذلك، فذكر له بوق «يهود» أي يقال له الشبور بفتح الشين المعجمة ثم موحدة مشددة مضمومة ثم واو ساكنة ثم راء، ويقال له القبع بضم القاف وإسكان الموحدة وقيل بفتحها، وقيل باسكان النون وبالعين المهملة.

قال السهيلي: وهو أولى بالصواب، وقيل بالمثناة فوق، وقيل بالمثلثة، وهو القرن الذي يدعون به لصلاتهم: أي يجتمعون لها عند سماع صوته «فكرهه صلى الله عليه وسلم وقال: هو من أمر اليهود، فذكر له الناقوس الذي يدعون به النصارى لصلاتهم، فقال: هو من أمر النصارى، أي فقالوا لو رفعنا نارا أي فإذا رآها الناس أقبلوا إلى الصلاة، فقال ذلك للمجوس، وقيل كما في حديث الشيخين عن ابن عمر «أن عمر رضي الله عنهما قال: أو لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة» أي بحضورها «أي ففعلوا ذلك وكان المنادي هو بلال رضي الله تعالى عنه» .

قال الحافظ ابن حجر: وكان اللفظ الذي ينادي به بلال: أي قبل رؤيا عبد الله «الصلاة جامعة» كما رواه ابن سعد وسعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب مرسلا.

وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم قال «لقد هممت أن أبث رجالا ينادون الناس بحين الصلاة» أي في حينها: أي وقتها «وقد هممت أن آمر رجالا تقوم على الآطام ينادون المسلمين بحين الصلاة» أي ولعل هذا كان منه صلى الله عليه وسلم قبل وقوع ما تقدم بلال، ثم أمر بلال بما تقدم.

وقيل ائتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه بالناقوس: أي اتفقوا عليه فنحت ليضرب به المسلمون أي وهو خشبة طويلة يضرب عليها بخشبة صغيرة، فنام عبد الله بن زيد، فأري الأذان أي والإقامة في منامه.

فعنه رضي الله تعالى عنه، قال «لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس فطاف بي وأنا نائم رجل» وفي لفظ «إني لبين نائم ويقظان طاف بي رجل» والمراد أنه نام نوما

<<  <  ج: ص:  >  >>