للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله تعالى عنه حتى اعتنقه وقال أنا وصاحبي أنا وصاحبي» وفي رواية «أنا إلى صاحبي أنا إلى صاحبي» يعلم رد قول بعضهم وقد سئل هل عام صلى الله عليه وسلم؟ الظاهر لا، لأنه لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم سافر في بحر ولا بالحرمين بحر، قال: وقيل قد توفي ودفن أبوه بالأبواء: محل بين مكة والمدينة اهـ.

أقول سيأتي أن الذي بالأبواء قبر أمه صلى الله عليه وسلم على الأصح، فلعل قائل ذلك اشتبه عليه الأمر، لأنه يجوز أن يكون سمعه صلى الله عليه وسلم يقول وهو بالأبواء «هذا قبر أحد أبوي» .

وقد ذكر بعضهم في حكمة تربيته صلى الله عليه وسلم يتيما ما لا نطيل به، وقد جاء «ارحموا اليتامى وأكرموا الغرباء، فإني كنت في الصغر يتيما، وفي الكبر غريبا» وقد جاء «إن الله لينظر كل يوم إلى الغريب ألف نظرة» والله أعلم.

وأورد الخطيب عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن الله أحيا له أباه وآمن به وفي المواهب «أحيا الله له أبويه حتى آمنا به» قال السهيلي: وفي إسناده مجاهيل.

وقال الحافظ ابن كثير: إنه حديث منكر جدا وسنده مجهول. وقال ابن دحية: هو حديث موضوع. قال: ويرده القرآن والإجماع وعلى ثبوته يكون ناسخا أي معارضا لقوله صلى الله عليه وسلم وقد سأله رجل «أين أبي؟ فقال في النار، فلما قفا أي ولى دعاه وقال له إن أبي وأباك في النار» وفيه أن هذا رواه مسلم فلا يكون ذلك الحديث ناسخا أي معارضا له.

أقول: هو على تقدير ثبوته يكون معارضا على أن حديث مسلم هذا لم تتفق الرواة على قوله فيه إن أبي وأباك في النار، وهذه اللفظة إنما رواها حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس وخالفه معمر عن ثابت عن أنس، فروي بدل ذلك إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار، وقد نصوا على أن معمرا أثبت من حماد، فإن حمادا تكلم في حفظه، ووقع في أحاديثه مناكير. ذكروا أن ربيعة دسها في كتبه، وكان حماد لا يحفظ فحدث بها فوهم فيها. وأما معمر فلم يتكلم في حفظه ولا استنكر شيء من حديثه. وأيضا ما رواه معمر ورد من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، فقد أخرج البزار والطبراني والبيهقي من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عائذ بن سعد عن أبيه «أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أين أبي؟ فقال، في النار، قال: فأين أبوك؟ قال حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار» وهذا الإسناد على شرط الشيخين، فاللفظ الأول من تصرف الراوي رواه بالمعنى بحسب ما فهم فأخطأ.

وذكر الحافظ السيوطي أن مثل هذا وقع في الصحيحين في روايات كثيرة، من ذلك حديث مسلم عن أنس في نفي قراءة البسملة، والثابت من طريق آخر نفي سماعها ففهم منه الراوي نفي قراءتها، فرواها بالمعنى على ما فهمه فأخطأ، كذا أجاب إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه عن حديث نفي قراءة البسملة. والذي

<<  <  ج: ص:  >  >>