للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبعة عشر شهرا وقيل أربعة عشر شهرا، وقيل غير ذلك، وتقدم أنه صلى الله عليه وسلم صلى في مسجده بعد تمامه إلى بيت المقدس خمسة أشهر» .

والأكثرون على أن تحويلها كان في صلاة الظهر، وقيل العصر، أي ففي الصحيحين عن البراء «إن أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم أي للكعبة صلاة العصر» .

وقد يقال: لا منافاة لجواز أن يكون المراد أول صلاة صلاها كلها للكعبة صلاة العصر، لأن الظهر صلى نصفها الأول لبيت المقدس ونصفها الثاني للكعبة: ثم رأيت الحافظ ابن حجر فعل كذلك، حيث قال: التحقيق أن أول صلاة صلاها بالمسجد النبوي صلاة العصر، أو أن التحويل في العصر كان في محل آخر للأنصار أي وهم بنو حارثة. وقيل حولت في صلاة الصبح وهو محمول على أن ذلك كان في قباء، لأن الخبر لم يبلغهم إلا حينئذ كما سيأتي، وإنما حولت لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن تكون قبلته الكعبة سيما لما بلغه أن اليهود قالوا يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا. أي وفي لفظ: قالوا للمسلمين: لو لم نكن على هدى ما صليتم لقبلتنا فاقتديتم بنا فيها.

وفي لفظ «كان يحب أن يستقبل الكعبة محبة لموافقة إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام وكراهة لموافقة اليهود، ولقول كفار قريش للمسلمين لم تقولون نحن على ملة إبراهيم وأنتم تتركون قبلته وتصلون إلى قبلة اليهود؟ أي ولأنه لما هاجر صار إذا استقبل صخرة بيت المقدس يستدبر الكعبة، فشق ذلك عليه صلى الله عليه وسلم، فقال لجبريل: وددت أن الله سبحانه وتعالى صرفني عن قبلة اليهود، فقال جبريل: إنما أنا عبد لا أملك لك شيئا إلا ما أمرت به، فادع الله تعالى، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله تعالى، يكثر إذا صلى إلى بيت المقدس من النظر إلى السماء ينتظر أمر الله تعالى» أي لأن السماء قبلة الدعاء، وفي رواية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: وددت أنك سألت الله تعالى أن يصرفني إلى الكعبة، فقال جبريل: لست أستطيع أن أبتدىء الله جل وعز بالمسألة، ولكن إن سألني أخبرته، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرا أمّ بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة فصنعت له طعاما، وحانت صلاة الظهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه في مسجد هناك، فلما صلى ركعتين نزل جبريل فأشار إليه أن صلّ إلى الكعبة واستقبل الميزاب، فاستدار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، أي فاستدار النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء» أي فقد تحول من مقدم المسجد إلى مؤخره، لأن من استقبل الكعبة في المدينة يلزم أن يستدبر بيت المقدس أي كما أن من يستقبل بيت المقدس يستدبر الكعبة، وهو صلى الله عليه وسلم لو دار كما هو مكانه لم يكن خلفه مكان يسع الصفوف. قيل وكان ذلك وهم راكعون، وفيه أن هذا يستدعي عملا كثيرا في الصلاة وهو مفسد لها عندنا إذا توالى.

وقد يقال: لا مانع لجواز أن يكون ذلك قبل تحريم العمل الكثير في الصلاة،

<<  <  ج: ص:  >  >>