للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرِهِمْ [الأحزاب: الآية ٣٦] الآية، فقالت عند ذلك رضيت.

وفي رواية أنها وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فزوّجها من زيد، فسخطت هي وأخوها، وقالا: إنما أردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها عبده فنزلت الآية.

أي وعن مقاتل «أن زيد بن حارثة لما أراد أن يتزوّج زينب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله اخطب علي؟ قال له: من؟ قال: زينب بنت جحش، فقال له:

لا أراها تفعل، إنها أكرم من ذلك نسبا، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كلمتها أنت وقلت زيد أكرم الناس عليّ فعلت، قال: إنها امرأة لسناء» أي فصيحة، والمراد لسانها طويل، فذهب زيد إلى علي رضي الله تعالى عنه، فحمله على أن يكلم له النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق معه عليّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه، فقال: إني فاعل ذلك ومرسلك يا علي إلى أهلها لتكلمهم ففعل، ثم عاد فأخبره بكراهتها وكراهة أخيها لذلك فأرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قد رضيته لكم، وأقضي أن تنكحوه، فانكحوه، وساق إليهم عشرة دنانير وستين درهما ودرعا وخمارا وملحفة وإزارا وخمسين مدا من الطعام وعشرة أمداد من التمر أعطاه ذلك كله رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم بعد ذلك جاء صلى الله عليه وسلم بيت زيد يطلبه فلم يجده، فتقدمت إليه زينب، فأعرض عنها، فقالت له: ليس هو هنا يا رسول الله فادخل، فأبى أن يدخل وأعجبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي لأن الريح رفعت الستر فنظر إليها من غير قصد فوقعت في نفسه صلى الله عليه وسلم، فرجع وهو يقول «سبحان مصرّف القلوب» وفي رواية «مقلب القلوب» وسمعته زينب يقول ذلك، فلما جاء زيد أخبرته الخبر، فجاء إليه صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله لعل زينب أعجبتك فأفارقها لك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك زوجك، فما استطاع زيد إليها سبيلا بعد ذلك اليوم، أي فلم يستطع أن يغشاها من حين رآها صلى الله عليه وسلم إلى أن طلقها.

فعنها رضي الله تعالى عنها: لما وقعت في قلب النبي صلى الله عليه وسلم لم يستطعني زيد وما امتنعت منه، وصرف الله تعالى قلبه عني، وجاءه يوما وقال له: يا رسول الله إن زينب اشتدّ عليّ لسانها وأنا أريد أن أطلقها، فقال له اتق الله وأمسك عليك زوجك، فقال: استطالت عليّ، فقال له إذن طلقها فطلقها. فلما انقضت عدّتها أرسل زيدا لها فقال له اذهب فاذكرها عليّ فانطلق، قال: فلما رأيتها عظمت في صدري، فقلت: يا زينب أبشري أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك، قالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي: أي أستخيره. فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس يتحدث مع عائشة إذ نزل عليه الوحي بأن الله زوّجه زينب، فسريّ عنه وهو يبتسم، وهو يقول: من يذهب إلى زينب فيبشرها أن الله زوجنيها من السماء؟ وجاء إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن، قالت: دخل عليّ وأنا مكشوفة الشعر، فقلت: يا رسول الله بلا خطبة ولا إشهاد؛ قال: الله المزوج، وجبريل الشاهد، أي وأنزل الله تعالى وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>