للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذوات الأسباب في هذه الأوقات إعمالا للأدلة كلها، فيحمل كل منها على محمل، وإن في تلك الإباحة تكثيراً للعبادة التي لها سند قوي من الشرع.

وقد تقدم هذا الخلاف في حديث ابن عباس رقم [٥٢] . ولكنا نزيده هنا وضوحا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية فقد ذكر أنه كان متوقفا في الصلوات ذوات الأسباب لبعض الأدلة التي احتج بها المانعون، وبعد البحث وجد أنها إما ضعيفة أو غير دالة، كقوله: " إذا دخل أحد كم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين " فإنه عام لا خصوص فيه، وأحاديث النهى كلها مخصوصة، فوجب تقديم العام الذي لا خصوص فيه، لأنه حجة باتفاق السلف، وقد ثبت أن النبي صلى اله عليه وسلم أمر بصلاة تحية المسجد للداخل عند الخطبة، وأما حديث ابن عمر في الصحيحين " لا تتحروا لصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها" وهذا إنما يكون في التطوع المطلق، وقد ثبت جواز بعض ذوات الأسباب بالنص كركعتي الطواف والصلاة المعادة مع إمام الحي، وبعضها بالنص والإجماع كالجنازة بعد العصر، وإذا نظر في مقتضى الجواز لم توجد له علة إلا كون الصلاة ذات سبب. وقد استقر الشرع على أن الصلاة تفعل حسب الإمكان عند خشية فوات الوقت، وإن أمكن فعلها بعد الوقت على وجه الكمال. وكذلك صلوات التطوع ذوات الأسباب.

ما يؤخذ من الحديث:

١- مشروعية تحية المسجد لداخله، وذهب إلى وجوبها الظاهرية، لظاهر هذا الحديث.

والجمهور ذهبوا إلى استحبابها.

٢- أنها مشروعة لداخل المسجد في كل وقت، ولو كان وقت نَهْي لعموم الحديث. وقد تقدم الخلاف فيها وفي غيرها، من ذوات الأسباب.

٣- استحباب الوضوء لداخل المسجد، لئلا تفوته هذه الصلاة المأمور بها.

٤- قيد العلماء المسجد الحرام بأن تحيته الطواف. لكن من لم يُرِدِ الطواف أو يشق عليه، فلا ينبغي أن يدع الصلاة، بل يصلى ركعتين.

<<  <   >  >>