للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعنى الإجمالي:

يبين النبي صلى الله عليه وسلم الأشياء التي يحصل فيها تلف خارج عن قدرة الإنسان وتسببه وإهماله، وأنه ليس عليه- من جراء إتلافها- شيء.

وذلك كالبهيمة التي لم يفرط في إرسالها، ولم يكن متصرفا فيها فتتلف زرعاً أو تضر أحداً بعضٍّ أو ضرب بيدها، أو رَمْح برجلها.

وكذلك لو أمر إنسانا بدون إكراه له، أو تغرير به، بنزول في بئر، أو عمل، فلا ضمان على الآمر، لأنه لم يحصل منه تَعَد ولا تفريط.

أما لو أكرهه على ذلك، أو كان يعلم أن في هذه الأشياء ونحوها خطراً فغره ولم يعلم بذلك، فإن عليه الضمان.

ثم ذكر أن من وجد كنزا قليلا أو كثيرا، فعليه إخراج خمسه، لأنه حصله بلا كلفة ولا تعب.

فشكرا لله تعالى ومواساةً لإخوانه المسلمين، يجب عليه أن يخرج منه الخمس، لأنه كالفيء الذي يحصل من مال الكفار بلا كلفة. وهكذا تلاحظ الشريعة العدل والإنصاف في أحكامها، فتقدم قدر الزكاة فيما يحتاج إلى كلفة ومشقة ومؤنة، واختلافه حسب ذلك.

ما يؤخذ من الحديث

١- أنه لا ضمان في البهيمة إذا لم يكن صاحبها متصرفا فيها، أو لم يرسلها ليلا.

فإن تسبب صاحبها بما أتلفت، أو أرسلها ليلا فأفسدت على الناس زرعهم، فعليه الضمان.

فقد قيد العلماء إطلاق هذا الحديث بأدلة أخرى، بضمان المتسبب، وهو مذهب الجمهور. وذكر ابن دقيق العيد اختلاف العلماء في عموم الهدر، ووصل إلى القول بأن جناية البهيمة هدر إذا لم يكن ثمة تقصير من المالك أو ممن هي تحت يده. وقال: وينزل الحديث على ذلك.

٢- أنه لا ضمان فيما أتلفت بئره أو معدنه إذا لم يكن مكرها النازل أو العامل أو عالماً بأن في ذلك خطراً فغره ولم يعلمه.

فإن أكره أحدا على النزول في بئر، أو الصعود لشجرة أو نحو ذلك، أو لم يكرهه، ولكن فيه خطر ولم يعلمه، فعليه الضمان، لأن التلف حصل بسبب إكراهه، أو من تغريره.

٣- أنه يجب إخراج الخمس مما وجد من الكنوز، قليلا كان الموجود، أو كثيرا.

٤- خصه بعض العلماء بما عليه علامة كفار، بأن يكون من زمن الجاهلية وذكر الصنعاني قيدا ثانيا هو أن يكون في أرض موات أو ملك أحياه الواجد، فإن كان في أرض مملوكة فليس بركاز، وإنما هو لقطة.

<<  <   >  >>