للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث الثالث

عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: دَخَل عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ أبي بَكْر الصديق رَضيَ الله عَنْهُمَا عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأنا مُسْنِدَتهُ إِلى صَدْري -وَمَعَ عَبْدِ الرحْمنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بهِ- فَأبَدهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَصَرَهُ، فَأخَذْتُ السوَاكَ فَقَضِمْتُهُ وَطَيبتهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فاستنّ به، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اسْتَنَّ اسْتِنَاناً أحْسَنَ مِنْهُ. فَمَا عَداَ أنْ فَرَغَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَهُ أوْ إِصبَعَهُ- ثم قال: "في الرَّفيقِ الأعلى" ثَلاثاً، ثُم قضى عَليهِ.

وكَانَتْ تَقُولُ: مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتي وذاقِنَتى.

وفى لفظ: فَرَأيتهُ يَنُظُرُ إِلَيهِ، وَعَرَفْتُ أنَّهُ يُحِب السوَاَكَ فَقُلْتُ: آخُذُه لَك؟ فَأشَارَ بِرأسِهِ: أن نَعَمْ.

هذا لفظ البخاري، ولـ "مسلم" نحوه.

غريب الحديث:

١- "يستن به" يُمِرُّ السواك على أسنانه، كأنه يحددها.

٢- "فأبده" بتخفيف الباء الموحدة، وتشديد الدال، مدَّ إليه بصره وأطاله.

٣ "بين حاقنتى وذاقنتى" "الحاقنة" ما بين الترقوتين وحبل العاتق "الذاقنة" طرف الحلقوم الأعلى.

٤- "فقَضِمته" بفتح القاف وكسر الضاد المعجمة كذا ضبطه ابن الأثير وغيره، أي مضغته بأسنانها، ليلين.

و"القضم" بأطراف الأسنان و"الخصم" بالفم كله.

المعنى الإجمالي:

تذكر عائشة رضي الله عنها قصةً تبين لنا مدى محبة النبي صلى الله عليه وسلم للسواك وتعلقه به

وذلك أن عبد الرحمن بن أبى بكر- أخا عائشة- دخل على النبي صلى الله عليه وسلم في حال النزع ومعه سواك رطب، يدلك به أسنانه.

فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم السواك مع عبد الرحمن، لم يشغله عنه ما هو فيه من المرض والنزع، من محبته له، فمذَ إليه بصره، كالراغب فيه، ففطنت عائشة رضي الله عنها فأخذت السواك من أخيها، وقصت رأس السواك المنقوض، ونقضت له رأساً جديداً ونظفته وطيبته، ثم ناولته النبي صلى الله عليه وسلم، فاستاك به.

فما رأت عائشة تسوكاً أحسن من تسوكه.

فلما طهر وفرغ من التسوك، رفع إصبعه، يوحد الله تعالى، ويختار النقلة إلى ربه تعالى، ثم توفى صلى الله عليه وسلم.

فكانت عائشة رضي الله عنها مغتبطة، وحق لها ذلك، بأنه صلى الله عليه وسلم توفى ورأسه في صدرها.

<<  <   >  >>